اراء و أفكـار

هل يمكن الانتصار على “داعش”؟

صحيفة الخليج

تشير مجريات المعارك التي يخوضها الجيش العراقي مدعوماً بقوات الحشد الشعبي وأبناء العشائر في محافظتي صلاح الدين والأنبار ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، إلى انكفاء عناصر هذا التنظيم وتحرير مناطق واسعة كانت في قبضة هذا التنظيم .
هذا يدل على إمكانية هزيمة “داعش” ميدانياً، وأن التنظيم الإرهابي المذكور تم تضخيمه منذ احتلال مدينة الموصل في عملية عسكرية مشبوهة، ولعب الإعلام دوراً في ذلك من خلال استخدامه وسيلة لبث عراضات عسكرية وممارسات بربرية وعمليات قتل وذبح وتدمير كي تترك حالة من الصدمة والرعب وتترك انطباعاً بالقوة والمهابة والشراسة .
أجل، الانتصار على “داعش” ممكن، إذا توفرت لدى الجيوش إمكانات وقدرات عسكرية، ومجموعات مدربة على حرب العصابات، وإمداد لوجستي وتغطية جوية لازمة، أي من خلال عمليات عسكرية متكاملة وخطط مدروسة، ومشاركة جماعية تتجاوز جغرافيا العراق وصولاً إلى امتدادات “الدواعش” في أكثر من بلد عربي، لأن هزيمة “داعش” في العراق تبقى مبتورة وناقصة، إذا لم تتم هزيمتها في سوريا بحكم التواصل الجغرافي والتواجد العسكري الإرهابي في البلدين المتجاورين .
إضافة إلى كل ذلك، فإن الاكتفاء بالحرب الجوية، كما تثبت الوقائع تبقى قاصرة وغير كافية لإلحاق هزيمة بالإرهاب . هي تنهك وتضعف، لكن لابد من مواجهة ميدانية تدمر وتلحق خسائر وتضرب مركز القيادة والسيطرة وتقطع أوصال الإرهاب .
والدعوة لتشكيل قوة عربية مشتركة تمتد ساحة عملها إلى كل المنطقة العربية حيث تتواجد التنظيمات الإرهابية، هي الخيار الوحيد والممكن لإلحاق هزيمة عسكرية بكل “الدواعش”، وإذا ما تحققت الفكرة وتحولت إلى واقع فإن خطوة كبيرة تكون قد تحققت على طريق العمل العربي الموحد وفي إطار الدفاع عن الأمن القومي الذي يتعرض للتهديد من جانب الإرهاب، وذلك يكرس بطبيعة الحال إحدى منظومات العمل العربي وفق ما تنص عليه معاهدة الدفاع العربي المشترك .
إذا حقق العرب هذه الخطوة، وتجاوزوا كل العقبات التي تحول دون ذلك، انطلاقاً من شعور بالمسؤولية وخطورة المرحلة، فإنهم بذلك ينجزون مهمة قومية، قد تقود إلى خطوات لاحقة تؤكد قدرتهم على مواجهة كل المخاطر والمخططات التي تستهدف وجودهم من خلال “داعش” وغيره .
. . وبالتوازي مع هذه المعركة، تكون مواجهة فكرية وثقافية واجتماعية حقيقية مع الإرهاب .
الأمر ليس سهلاً . . والمعركة صعبة وطويلة، لكن المهم أن نبدأ، وتكون البداية صحيحة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً