ضحايا العدالة في سلة المساومات
ماجد زيدان
ارسلت رئاسة الجمهورية مشروع قانون ضحايا العدالة الذي يعالج مشكلات الابرياء ممن يعتقلون او يحكمون وتثبت براءتهم بما في ذلك منحهم التعويض عما قضوه في المعتقلات .. وادراج مشروع القانون على جدول اعمال مجلس النواب وأريد قراءته القراءة الاولى ولكنه جوبه بمعارضة بعض النواب ومن ثم جرى تأجيليه تحت ضغط الخلافات بين القوى السياسية والنيابية منه,
ومن الملاحظات على التأجيل ان مشروع القانون وارد من رئاسة الجمهورية ويجب التعامل معه من الناحية القانونية مثل بقية القوانين يقرأ ويترك للنواب تعديله او رفضه وليس منع قراءته وبذلك يرتكب مخالفة .
ليس هناك مشروع قانون لا تثار عليه ملاحظات او ينقسم بشأنه النواب الى مؤيدين ومعارضين وهنا لا يشكل هذا سبباً لتأجيله ، الملاحظة الابرز التي وجهت اليه هي بشأن التسمية وكان يمكن من خلال النقاش تغيرها من (( ضحايا العدالة)) الى اي مسمى اخر يحظى بتوافق النواب اضافة الى البحث في فقراته الاخرى..
للاسف فهم الناس ان القوانين التي ترد من غير الحكومة هي موضع تمييز ويذهب البعض الى انه لا يحبذ تمريرها وبالتالي حصر التشريع عن هذا الطريق لا غير خلافاً للدستور.. ويعيد هذا الاجراء الى الاذهان ما حكمت به المحكمة الاتحادية من منع مجلس النواب من تقديم مقترحات قوانين وتشريعها ولا بد من مراجعة هذه القضية وايجاء المنفذ القانوني لتصحيح ما قضت به المحكمة الاتحادية في ظروف سياسية وضغوطات لم تعد خافية على المتابعين .
لم يكن هناك مبررا مقنعا لتأخير تشريع مثل هذا القانون الذي ينصف الذين يرتكب القضاء بحقهم اخطاء يمكن التخفيف عنهم من خلاله وتعويضهم عما اصابهم من ظلم وحيف ، وجل من لا يخطئ لاسباب مختلفة سواء كانت في تقدير خاطىء للتفسيرات القانونية او لتقديم معلومات وادلة مجافية للحقائق والوقائع يكتشف لاحقاً او تطمس لاغراض ضيقة في حينها.
المهم لا يشكل مثل هذا التشريع لمشروع القانون المعقود في العراق استثناء من بقية دول العالم فكثير من الدول الديمقراطية والمتحضرة بل والاقل تطوراً في هذه الجوانب شرعت مثل هذا القانون احتراماً للذين يقع عليهم الجور والانتهاك لحقوق الانسان.
ربما نحن في العراق احوج ما نكون اليه على الاقل لتطييب الخواطر وتخفيف الالام والحد من الاعتقالات العشوائية والتعسفية فلو تابعنا مايصدر عن القضاة بين الحين والاخر من قرارات نلاحظ ان الالاف من المواطنين المتهمين يطلق سراحهم شهرياً لعدم كفاية الادلة وثبوت ضلوعهم بما نسب اليهم وقسم كبير من هؤلاء يقضي للاسف فترات طويلة في المعتقلات او السجون دون ذنب ونتيجة لسياقات عمل روتينية وبطء الاجراءات القضائية ويتحملون عبء مايترتب على الاعتقال من اذى وضرر بالغ عليهم وعلى عوائلهم وعلى مستقبل الكثير منهم الذي يصبح في خبر كان .
ان القانون يجب يعوض هؤلاء عما ارتكب بحقهم ويعيد لهم الاعتبار والكرامة وحقوقهم الانسانية ويتحمل كل ذي مسؤولية مسؤوليته فيما يقرر باختصاصه وان لا تصبح الفوضى هي السائدة .
في اللقاءات التي تعرض احياناً مع بعض الذين يتهمون بارتكاب عمليات ارهابية يشير قسم منهم الى انهم اعتقلوا في فترات سابقة وهم ابرياء ولم تثبت ادانتهم فخرجوا مناوئين للحكومة واجهزتها وها هو بعضهم يسعى للانتقام بالانضمام الى المجموعات المتطرفة والارهابية .
ان تحمل الدولة لمسؤوليتها ازاء الاشخاص الذين يدانون خطأ او يعتقلون التزام قانوني وواجب اخلاقي واحترام للعلاقة بين الحاكم والمحكوم وهي مسألة في غاية الاهمية لترسيخ حكم القانون .
ومن هنا ندعو الذين يعارضون القانون قراءته قراءة معمقة والتفكير بأثاره الاجتماعية الايجابية وليس التشبث بالشكليات وغيرها التي يمكن تحسينها او تطويرها من خلال النقاش وارساء لبنة اضافية للمصالحة الوطنية ونبذ روح الانتقام والتخندق والتمترس خلف ولاءات لا تبني دولة ولا تديمها .