مدراء عامون وثقافة التزوير
ماجد زيدان
بين الحين والاخر نلتقي ناس من فئات مختلفة يبثون لنا همومهم واوضاعهم ويتحدثون عما يدور في دوائرهم، لاسيما ما يتعلق بكبار المسؤولين فيها الذين اصبحوا تحت المجهر والرقابة بلا خوف مادام الحديث يجرى بعيداً عن مقرات دوائرهم وامام ناس موثقين….
من ضمن ماسمعت في الايام الاخيرة ان بعضاً من المدراء العامين في دوائر مختلفة يلجؤون الى (تزغير) اعمارهم في دوائر الاحوال المدنية وهم من الذين يصلون الى سن التقاعد ليكسب بعض السنوات الاضافية في المنصب ، القانون ينص على ان كل موظف يبلغ الثالثة والستين من العمر يحال على التقاعد بشكل روتيني، ولكن من يطمع في البقاء بوظيفته يذهب الى مديرية الاحوال المدنية ويقدم معاملة لتصغير عمره ثلاث او خمس سنوات حسب مايراه مناسباً، لكي يستمر في وظيفته وامتيازاته ومكاسبه في راتب ومخصصات ضخمة وايفادات وسيارات وما الى ذلك مما هو مشروع وغير مشروع وهو الاكبر والاكثر سرعة في الاثراء والجاه.
ان هذه العملية الاحتيالية والتزوير المفضوح يحظى بموافقة الدائرة القانونية ودائرة والمفتش العام وربما بمباركة من بعضهم، ويعتبر الامر طبيعياًعلى الرغم من انها شكل من اشكال الفساد الاداري والمالي، لانه للأسف سادت في البلاد ودوائر الدولة ثقافة الفساد افقياً وعمودياً ، ان هذه الحالة او الظاهرة على الوزارات والمؤسسات رصدها لخطورتها ، فأي من هؤلاء المزورين لاعمارهم فاسدون ، حتى ان كانوا لم يمارسوا الفساد من قبل، فهم احتلوا مكاناً غير مكانهم واعاقوا التطور الطبيعي في الوظائف ومنعوا دماء جديدة من الدخول الى المؤسسات والدوائروعطلوا الاصلاح ، وهم من ذوي الشخصيات الضعيفة التي يسيل لعابهاعلى الامتيازات والنفوذ والمكاسب مهما كانت ضئيلة ولا تساوي شيئاً مقابل اهدار المبادئ والقيم السامية للانسان والمواطنة الصالحة.
ان عملية الاصلاح التي نص عليها البرنامج الحكومي تقتضي ان يتولاها ذوى الكفاءات والطاقات ممن لم يتلوثوا بامراض العشر سنوات الماضية وماقبلها، نحن بحاجة الى تجديد في ادارة المناصب وتقديم اجيال وظيفية ليس المقصود هنا العامل العمري وانما عامل الخبرة التي لاغنى عنها للنجاح والتوافق مع السياسات الاصلاحية والتعبيرية
ان وضع المسؤولين الكبار تحت طائلة المسؤولية عما اقترفوا من تزوير سيكشف عن امور اخرى مستترة الآن، فمن يأتي على التزوير في موضع ليس هناك مايمنع ان يزور في موارد اخرى