اراء و أفكـار

تظاهرة العنف في النهروان

ماجد زيدان

قلنا اكثر من مرة ان استمرار التظاهرات المواطنين المطالبين بحقوقهم المشروعة وعدم الاستجابة اليها ستؤدي الى توترات وعنف لا مبرر له ولا ينبغي الاستخفاف بها .. تتراوح المطالب بين دفع رواتبهم وتقديم الخدمات وحماية المنتوج المحلي وهي تغطي العراق كله.

يوم الثلاثاء الماضي تظاهر اهالي ناحية النهروان في بغداد وهي مدينة بنيت منذ عقود ولكنها تفتقد الى ابسط الخدمات وسكانها من الكادحين وذوي الدخل المحدود الذين يوفرون قوت يومهم بصعوبة ومشقة بالغة وهم في حاجة ماسة الى ان تلبي الحكومة احتياجاتهم الحياتية واليومية من ماء وكهرباء ومجاري وغيرها ولكن على الرغم من تكرار الاحتياجات لم يلتفت اليهم احد واضطروا للخروج عن طورهم بعد ان طفح الكيل جراء الوعود الكاذبة والاستغلال البشع لهم ، بدأت التظاهرة سلمية وكان يمكن ان تنتهي على هذا لو وجد مسؤول تفهم معاناتهم وطيب خاطرهم بكلمات ممكن تنفيذها او بذل جهد ملموس من خلال هذه السنوات للايفاء بالوعود بل ان هذه التظاهرة اطلق النار فيها ووقع اربعة من المتظاهرين توفي احدهم لاحقاً ويتهم الاهالي حمايات مدير الناحية بذلك والذي اقاله رئيس الوزراء وامر بالاستجابة لمطالبهم طبعاً بعد خراب البصرة.

اكيد ان الاستجابة جاءت بعد ان وجودها حقاً والسؤال الحارق لماذا كل هذا التأخير وترك الامور تتفاقم وتتفاعل ووقوع خسائر في الارواح والممتلكات العامة وأيغال الصدور على الحكومة والعملية السياسية وزيادة الشعور بالاغتراب واللجوء الى العنف؟؟.

لقد ساهمت السياسات الحكومية في تفاقم مشاكل الفئات المحتجة فهي ان لبت بعضهما بالتقسيط مما يزيد في التوتر والاحتضان ويعطي الانطباع انه ليس الهدف حل المشاكل جذرياً وبما يؤمن مصالح المواطنين ويحفظ الحقوق العامة وانما التنفيس عن الاحتقان .. فالحكومة اعلنت في البداية انها ستدفع رواتب منتسبي شركات التمويل الذاتي لمدة شهر ولم تسع الى توفير الحماية لمنتجاتهم كي تتمكن هذه الشركات من النهوض مجدداً قبل ان تضطر مرغمة على تأمينها كاملة والامر من ذلك ما تزال الوزارة تهددهم برميهم الى التقاعد قبل الاوان ونقلهم الى دوائر اخرى قد لا تتناسب مع مؤهلاتهم على الرغم من كثرة الحلول التي تجنب العاملين الازمات اما الفلاحون والمزارعون فوزارة الزراعة اصدرت منعاً لبعض المنتجات في موسمها ولكنه لم يطبق واستمرت المراكز الحدودية تعبر الشاحنات الواردة من دول الجوار على حسابهم مما دفعهم الى الاحتجاج مجدداً.

اما الخدمات فحدث ولا حرج ، مشاريع على الورق ومحافظون قابعون وراء المكاتب يتذرعون بعدم وجود التخصيصات المالية وكأن المشكلة وليدة اليوم وليست نتيجة للنكوص عن البرامج واهدار الاموال واستشراء الفساد في مفاصل دوائرها البلدية .

الناس ادركوا بخبرتهم وتجربتهم مع الحكومة والجهات المسؤولة ان اي حق لهم لابد من انتزاعه بمختلف الاساليب وبضمنها التظاهر فاي فئة تبقى ساكتة يهضم حقها ولايلتفت اليها بل ان الدوائر تجور عليها وتستمر معاناتها ولا يفكر فيها احد.

ان التظاهر حق كفله الدستور وكذلك كل الاحتجاجات السليمة الاخرى لتنبيه المسؤولين ومنعهم من السدور في غيهم واجبارهم على الالتزام بما وعدوا به .. ولكن لا يجوز ان يتطور الى عنف وتحطيم وتكسير للممتلكات العامة والخاصة والتي قد تدفعهم اليها بعض الاطراف لغاية في نفس يعقوب فهي لا تريد معالجة تركتها الثقيلة.

مرة اخرى نقول ان الحلول المجزأة لا تطمئن المواطن على حقه وانما تسكين لآلامه وانما باختصار تبقي الجمر تحت الرماد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً