اراء و أفكـار

مصر.. وروسيا.. أمام طاولة الشطرنج!

يوسف الكويليت

في زيارة الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» لمصر.. لسنا في لحظة أو زمن الرئيس عبدالناصر حين أعلن مبايعة كاملة مع الشرق مقابل عداء مفتوح للغرب، ولا زمن السادات الذي قال إن أوراق حلول مشاكل المنطقة العربية والتي تصل نسبتها إلى ٩٩٪ بيد أمريكا..

ولا نحن في زمن الرئيسين السوفيتيين «خروتشوف، وبرجنيف» وغيرهما من حراس الماركسية، ولا الرئيس السيسي يريد لعبة أوراق التنافس بين الغرب والشرق على المواقع الحساسة في العالم حتى لو وصل التضييق لمصر من قبل حكومة أوباما، إلى منع المساعدات والاتفاقات على بعض الأسلحة لأنه يريد لعبة أوراق بلده بتوسيع علاقاتها مع كل دول العالم، وحتى بوتين لا نعتقد أنه جاء ليفك حصار بلده مع الغرب، ولكنه، عملياً، يريد فتح نوافذ قد تقربه من دول المنطقة لو أراد أن يجعل حل قضية سورية عربية – روسية تكون مصر في واجهتها، ليعود هذه المرة زعيماً يقدم عملاً يفرض تقاربه وتعامله مع الجميع، ويبرز دوراً يحرج به أمريكا وأوروبا، ويضع نفسه على ذات خط المسؤولية في المشاركة بالحلول السياسية لا العسكرية..

روسيا تحتاج مصر كنافذة للوطن العربي وأفريقيا وفيها مغريات الاستثمار ليس في عقد صفقات أسلحة أو صناعتها فقط وإنما في مجالات صناعية وطاقة نووية، وبترول وغاز وعلوم فضاء وغيرها، بنفس الوقت مصر لا تريد أن تكون حبيسة اتجاه واحد، وهي تجربة عاشتها مع السوفيات فأكلت حلوها ومرها، وكذلك مع أمريكا التي تركتها أسيرة اتجاهاتها وتمرير سياساتها، ولا نعتقد أن أمريكا وحلفاءها، لا يراقبون هذا التحرك وانعكاساته حتى لو كانت معظم دول المنطقة العربية على علاقات استراتيجية أكبر من روسيا، لكن كسر هذا الاحتكار والتفاوض مع الصديق والعدو في تحقيق الأهداف والمصالح، والتي لا تبدي خوفاً منها أي دولة تسير سياساتها على هذه الاتجاهات، نجد أن المراقب الغربي لا يرحب أو يريد أن يمنع مثل هذا التواصل مع دولة مثل روسيا..

العوامل التي فرضت هذا النوع من العلاقات أن روسيا لم تعد ماركسية تغلّب العوامل الأيدلوجية على قوائم الاحتياجات العليا، ولا مصر في منظومة الاشتراكية الدولية التي نسجت فتح المنافذ بين البلدين على أساس أيدلوجي، ولذلك فكلا الزعيمين وفرق عملهما ينظران لمواقف بلديهما من زوايا العمل المشترك، وأن مبدأ التضييق والحصار كهدف لإسقاط الآخر وكسياسة ظلت عمود التصرفات الغربية، ليس أمراً وارداً في زمن العولمة، وقد اعترفت دول أوروبية أن مقاطعة روسيا بقدر ما أضرت بها فقد عادت بخسائر بمئات الملايين على أوروبا، وبصرف النظر عن عمليات تباين السياسات بين طرفي المنافسة، فدول مثل مصر تحتاج عملياً لأن تدخل المنافسة إليها باجتذاب مشاريع مشتركة تخدمها أولاً، ولا تجعلها في عزلة مع آخرين سواء جاءت من مصدر غربي أو شرقي..

الكثير من القضايا يمكن أن تبحث في هذه الزيارة، فعلى جانب الفوضى السائدة في المنطقة لا نزعم أن روسيا بعيدة عنها بوجود بصمتها المؤيدة لنظام الأسد، والسكوت عن مكافحة الإرهاب، ولا نعتقد أنها خارج الأزمات وحلولها حتى لو نظرت أن الغرب هو السبب فيها، فهذا لا يعفيها من مسؤولياتها الأخلاقية، وهي تنظر للشعب السوري وهو ينحر بأسلحتها، ونفس الأمر في تواطؤ الغرب في تأزيم الأوضاع، والنتيجة هل جاء بوتين ليصحح أوضاع بلده، أم البحث عن حليف منقذ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً