اراء و أفكـار

مستقبل المشرق العربي يرسم الحاضر الأمريكي

عصام فاهم العامري

يَربط عدد من المحللين والمراقبين الكثير من العنف الدائر في مختلف أنحاء العالم بالمغامرات الأمريكية. ويستدل المحللون بالعنف المتصاعد حاليا في منطقة الشرق الأوسط بالسياسة الأمريكية ومغامراتها في العقود السابقة،، ويعزون صعود داعش للحرب الأمريكية في العراق.
وفي سياق ذات النمط التحليلي هناك من يربط مستقبل منطقة المشرق العربي بالسياسة الأمريكية القائمة حاليا في المنطقة.. وهذه الأخيرة تركز حاليا على محاربة إرهاب المتشددين وعلى الوصول إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني. ويبدو أن المفاوضات حول الملف النووي الإيراني الجارية بين واشنطن وطهران وبالتالي بين طهران والمجموعة الدولية ممثلة بـ 5 + 1 تسير نحو الهدف المرغوب فيه من الطرفين. والسؤال المطروح الآن هو: هل الوصول إلى أرضية مشتركة حول المسألة النووية الإيرانية تمهد الطريق إلى اتفاق أمريكي إيراني نحو صياغة سياسة مشتركة لمحاربة الإرهاب الأصولي المتشدد المتمثل بداعش والنصرة وأخواتهما. فمن المعلوم أن إيران تنخرط بدور مركزي في تنظيم الجهد القتالي العراقي في محاربة داعش عبر مقاتلي الحشد الشعبي الذي يقوم في جزئه الأساسي على مقاتلي الفصائل الإسلامية الشيعية المدعومة من إيران، كما تضطلع إيران بدور حيوي في توفير قدرة نظام الرئيس بشار الأسد على المطاولة والديمومة، كما أن إيران تملك القدرة والتأثير في لبنان عبر حزب الله وحلفائه،، فضلا عن السيطرة الفاعلة من جانب إيران عبر الحوثيين على اليمن. والواضح أن إيران وفي إطار المفاوضات النووية لا تلوح بقدرتها على إغلاق مضايق ممرات نقل النفط سواء في هرمز أو باب المندب،، بقدر ما تعرض قيام مناطق نفوذها بالعمل مع أمريكا والغرب للعمل على استئصال التيارات الإسلامية الأصولية السنّية المتشددة.
وحتى الآن، فإن أمريكا في رأي عدد كبير من حلفائها وأصدقائها في المنطقة أضحت تستجيب للعروض الإيرانية بهذا الصدد، فالرئيس باراك أوباما لم يعد يستعجل إزاحة الرئيس الأسد من السلطة، ولا يستبعد بعض حلفاء أمريكا في المنطقة حصول الحوثيين على ضوء أخضر أو على الأقل عدم اعتراض أمريكي في تغيير معادلة السلطة في اليمن وسيطرة الحوثيين على صنعاء مقابل قيام الحوثيين بتوجيه ضربات قاصمة للقاعدة في اليمن وجنوب الجزيرة العربية.
وفي إطار هذه الرؤية، فإن الآني بالنسبة لأمريكا هو تحجيم داعش وأخواتها من التيارات الأصولية المتشددة، والوصول إلى اتفاق نووي مع إيران، حتى لو تضمن هذا الآني القبول الأمريكي والغربي بالسيطرة الجزئية الإيرانية على أجزاء واسعة وحيوية من المشرق العربي. ويحذر عدد من أصدقاء وحلفاء أمريكا في المنطقة من أن هذه السياسة، وان حققت بعض أهدافها في القضاء على التيارات الأصولية المتشددة، فإنها ستفجر المنطقة وتعيد رسم خارطتها بأدوات الفيدرالية والكونفدرالية والحكم الذاتي لتستمر أزمات المنطقة وتطورات العنف فيها لتأخذ مسارات أخرى..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً