اراء و أفكـار

تقييم الحملة الأميركية ضد داعش

علي حسين باكير
عقد أعضاء التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» اجتماعا في لندن بتاريخ 22/1/2015 وذلك على مستوى وزراء الخارجية لتقييم مدى التقدم الدولي المحرز في الحملة العسكرية التي تشنّ ضد التنظيم منذ شهر سبتمبر من العام الماضي. وفي نهاية الاجتماع أدلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتصريحات قال فيها: إن تقدّم التنظيم توقف أو تراجع وإن الأسلحة الأميركية ستصل قريبا إلى القوات الحكوميّة، وإن الجهد ضدّ تنظيم «داعش» والذي تضمّن شن نحو 2000 غارة جوية على التنظيم قد أدى في نهاية المطاف إلى استعادة نحو 700 كلم مربع.
والحقيقة أن ما أعلنه كيري تكرار لما أعلنته وزارة الدفاع الأميركية «البنتاجون» في 8 يناير الجاري. فقد ذكر البنتاجون آنذاك أن قوات التحالف الدولي ألقت نحو 5 آلاف قنبلة منذ بدء الضربات الجوية على «تنظيم الدولة» بالعراق وسوريا، وأن نحو 1600 غارة من إجمالي الغارات التي تمّ تنفيذها في سوريا والعراق تمّت عبر طائرات من دون طيار، وأنّه تمت استعادة حوالي 700 كلم مربع. لكن ووفقا لإحصاءات وزارة الدفاع الأميركية نفسها، فإن مساحة 700 كلم مربع تعادل حوالي %1 فقط من مساحة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم سابقا!
إذا كان هذا يسمى إنجازا، فهذا معناه أنّنا نحتاج في حال استمرار هذا الإنجاز على نفس المستوى إلى نصف قرن تقريبا لإستعادة الأراضي التي استحوذ عليها التنظيم. لن ندخل في باب الحسابات، لكنّ معظم التقييمات الموضوعية التي صدرت مؤخرا تشير عمليا إلى عدم وجود تقدّم حقيقي، ناهيك عن الخلط المتعمد بين وضع «داعش» في العراق ووضع «داعش» في سوريا.
فكما بات معلوما، فإن وضع «داعش» في سوريا ليس محل اهتمام حقيقي لدى واشنطن ولا يوجد استراتيجية أميركية خاصة للتعامل لا مع الوضع السوري ولا مع «داعش» في سوريا باستثناء عدم التعرض للمصالح الإيرانية هناك. التركيز والأولوية الأميركية هي على «داعش» في العراق، وأما الوضع السوري فقد خلقوا له مسلسل «كوباني»، ومنذ ذلك الوقت لا نسمع بأي تطورات كبيرة، لا بل إن المفاجأة وفقا لتقرير «ديلي بيست» الحصري الذي نُشر مؤخرا هو أن «داعش» سوريا استطاعت مضاعفة مساحة الأراضي التي تسيطر عليها منذ بدء الحملة ضدها في سبتمبر الماضي، وكذلك عدد الناس الموجودين تحت سيطرتها.
ما لا تريد الحكومة الأميركية فهمه، هو أن إهمال الوضع السوري سيفاقم الأمور فيما بعد. وفقا لتقييم صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن التنظيم سيسيّر جهوده على المدى القصير في اتجاه حلب من أجل القضاء على المعارضة السورية الأكثر اعتدالاً، وكذلك سيحاول التمدد في جنوب سوريا حيث كان وجوده في السابق هناك ضئيلاً أو معدوماً. ولا شك أن هذا الوضع سيؤثّر على الخطّة «المفترضة» لتسليح الثوار السوريين والتي أقرت على الأرجح كما سبق وذكرنا في مقالات سابقة لذر الرماد في العيون فقط.
أكثر من ذلك، لا أحد يشرح لنا كيف من الممكن أن تتم هزيمة «داعش» عبر الاستعانة بميليشيات شيعية أو كرديّة؛ إذ إن هذا العامل لوحده كفيل بأن يجنّد المزيد من الشبّان السنّة في صفوف التنظيمات المتطرفة خاصة ما لم يتم إعطاؤهم حقوقهم المشروعة في الحكم وتسيير البلاد. تجاهل الأسباب الرئيسية والاعتماد على القوة العسكرية واستخدام ميليشيات طائفية أو قوميّة لن يؤدي إلا إلى تفاقمها، والدليل تنظيم «داعش» نفسه. استخدام القوة ضد «القاعدة» دون حل المشاكل التي يعاني منها السنّة أدت إلى ولادة «داعش». أضف إلى ذلك، غياب دولة بوزن تركيا وتردد دول أخرى أيضا من الرمي بكل ثقلها خلف التحالف نظرا للتعاون الأميركي- الإيراني كلها عوامل تشير إلى أن الحملة سيكون مصيرها الفشل، وقد نحصل في نهاية المطاف على شيء أبشع من تنظيم «داعش».?

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً