اراء و أفكـار

نغز الرماح

حاتم حسن

البرنامج الموضوع للعراق ومشي بموجبه بلا أدنى خيار هو أن يعيش أزمات اثر أزمات.. وأزمات تلد أزمات.. وتبدو الأقدار والمصادفات وقد تحالفت على خلق وتنمية ومضاعفة الأزمات.. وكانت الانتباهة والوعي واليقظة ستوافي العراقيين يوما وان طال مجيئه للاستدراك والمراجعة والتصويب لولا أن ما يشبه أشعة التطهير تبدو وقد تسلطت وعقمت عراقيين من الضمير والتفكير والإحساس والصحو.. ليكمل البرنامج أو القدر مهمته غير المسبوقة للإجهاز الخاص على وريث أول حضارة في الأرض وعلى أثرى بلد..
التحذيرات والصراخ والنذر ووضع شواهد الاثبات (ستجدون بئرا مظلما في الطريق فإذا وجدتموه صدقونا إذن…) وكلت أصوات النذير وتحققت الوعود وعوامل الاثبات… ولكن توالدت الأزمات والمحن والكوارث واتضح انحدار الطريق الهابط الى الجحيم ومع ذلك لا انتباهة ولا صحو ولا يقظة ضمير.. فبين من يسوسون الركب بمراكز ثقل إضافية تضاعف من شدهم وجذبهم الى المركز وصوب وادي الجحيم من بلادة وانغلاق وأطنان من الجهالات والجوع.. فمن أين يجيء الصحو وهؤلاء من تقدم ومن شغل دور النخبة واتخاذ القرار وتقرير المصائر؟؟؟
قد لا يكون الاحتلال من وضع العراق في طريق الهلاك.. بل هي الأقدار والمصادفات وما تداولته حكايات البشر عن القيامة… فتبدو الأمور مغلقة ولا شيء هناك غير الهلاك.. مثلما.. قد تكون صورا وكوابيس لرجل محموم قبل لفظ أنفاسه.. إلا انه لا كوابيس تدوم أكثر من اثنتي عشرة سنة.. فالأزمات تتناسل.. والأسباب تتوالد دائما.. والقاطرة مضمونة الطاقة والى النهاية وبلا ما يوقفها.. ولا وجود لما يوقفها..
في هذه الأعاصير السوداء والمجازر التي تسجل بعدا ورقما آخر للتوحش الإنساني.. في هذا المشهد الذي روع البشرية.. فانه ليس من المستغرب أن يكون هناك شاغل سياسي عراقي هو الإتيان بتلك المرأة العصية الى الطريق ولو كان في لندن أو واشنطن بترتيب إيفاد شديد الإغراء.. فكل بكاء ونحيب وانين وشقاء ملايين المفجوعين والمشردين لا تفلح في الاقتراب من أحاسيسه وتعوق تفكيره بتدبير فرصة اللقاء بتلك المرأة العصية.. ولا احرجت ذاك الذي يتقاضى ثروات شهرية ان يعاون ابنه الثري بوظيفة أخرى… ولذا فان الأزمات بعيدا عنه بكامل حريتها للتنامي والتصاعد والجنون فتتوالد من بعضها البعض وبضمان ديمومتها..
الوعي في هذا الواقع البليد مجرد نفايات ومن الكفر والتجديف، ولذا بات الواعون المثقفون، أعضاء النخبة يمضون أوقاتهم على أبواب الأميين والجهلة ممن ملكوا الثروات والمناصب ومنها الاستثمار والسرقة عبر مواقع إعلامية وثقافية.. وبذا تم غلق حتى الثقوب الضيقة ليعم الظلام وتتساند الجهالات وتقيم مجتمعها بلا منغصات المتحررين المتسيبين الزنادقة…. ولتتناسل الأزمات فتلك مشيئة الله..
وبعد؟؟ ربما هو درس السماء لكل البشر من ان انقلاب المقاييس ووضع الناس في غير أماكنهم المناسبة.. والحط من المثقفين وطغيان الزبد والوضر والكناسة لا يفضي لغير ما أفضى بالعراق كمنتج للازمات هذه المرة.. غير الصالحة للتصدير..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً