اراء و أفكـار

هل سيفعلها الإسرائيليون في دمشق فعلا؟

داود البصري
ثمة أخبار خاصة تسربت عن اتصالات إسرائيلية – إيرانية بعد الغارة الأخيرة على القنيطرة السورية التي ادت الى مصرع عدد من قيادات “حزب الله” اللبناني وعدد آخر من عناصر حرس الثورة الإيرانيين, وحيث هدد “حزب الله” برد صاعق ومدمر! الإسرائيليون أكدوا للإيرانيين انهم لم يقصفوا قافلة السيارات وإنما ضربوا موقعا عسكريا سوريا, كما أنهم لم يكونوا يعرفون هوية حراس الثورة الإيرانية لكونهم ليسوا مستهدفين أصلا!, وقد اختتم الاتصال برسالة إسرائيلية لطهران واضحة وصريحة تقول في حال نفذ “حزب الله” تهديداته وضرب المصالح الإسرائيلية, فإن الرد لن يكون في لبنان فقط كما كانت عليه الحال في المرات السابقة! بل سيكون في قلب دمشق ذاتها وعبر عملية توغل واسعة هدفها إسقاط حكم نظام دمشق.
والواقع الميداني يؤكد ان نظام دمشق يلعب بورقة الجولان, و”حزب الله” بمهارة من أجل محاولة لفت انتباه الغرب لأهميته والتلويح لإسرائيل بتلك الورقة لكي تبقى بعيدة عنه! ولكنها في مطلق الأحوال لعبة خطرة, فدوام الحال من المحال, والإسرائيليون يعلمون علم اليقين ان النظام السوري يمتلك أدوات لعب إرهابية عديدة, وإن ملفات المخابرات السورية عامرة بتلك النوعية من الإرهاب, رغم أن النظام السوري ما فتئ يرسل رسائل واضحة للإسرائيليين بأن نظامه هو الوحيد القادر على ضمان أمن إسرائيل من خلال تبريد جبهات التماس, وعدم السماح بالإخلال بأمن المستوطنات والمستوطنين الإسرائيليين في الجولان أو حتى في الجليل الأعلى!,
ولكن يبدو ووفقا لقراءات استخبارية عالية الدقة بأن النظام السوري بدأت تفلت من يديه قواعد اللعبة والسيطرة على مجريات الأمور, وبأن الإيرانيين من خلال مستشاريهم أو قواتهم الحرسية, أو عناصر “حزب الله” اللبناني باتوا هم الذين يخططون الخطط والأهداف العسكرية للنظام السوري الذي وهنت قبضته كثيرا على الأمور, ولم يعد في الوضع الذي يستطيع فيه ضمان الأمن الإسرائيلي, هو ما دفع الجيش الإسرائيلي للتحرك العاجل ورصد النشاطات الإيرانية العسكرية المتنامية.
التقييم الستراتيجي لأوضاع النظام السوري تؤكد انه قد تحول لحمولة ثقيلة ولنقطة سوداء لزيادة هيمنة النظام الإيراني وتدخلاته في الشؤون السورية, وتحوله من الوضعية الاستشارية للوضعية الهجومية, ليس مستبعدا بالمرة قيام الجيش الإسرائيلي بنقلة تعبوية كبرى تنقله من مواقع الدفاع لمواقع الهجوم المتقدم, واجتياح دمشق وإسقاط النظام السوري بعملية عسكرية خاطفة ستفاجئ العالم بأسره, وتحقق هدفا ستراتيجيا طال انتظاره في ظل حالة السلبية العربية وعدم القدرة على حسم الخيارات. بصراحة نقولها انه في ظل موازين القوى الحالية وتشتت قوى المعارضة السورية, والصراعات الحادة والتناحر الدموي بين الفصائل الإسلامية والقومية الأخرى, تبدو وضعية المعارضة السورية كارثية أمام صمود النظام بقمعه المفرط وبروحيته الإجرامية المعهودة, وبدعم حلفائه الإقليميين في إيران والعراق ولبنان, وكذلك الدوليين ممثلة في روسيا وجماعتها!
فالنظام وحلفاؤه لا يهمهم أبدا معاناة الشعب السوري وتشرده, وتكسيح سورية بأسرها طالما أنهم يمضغون كذبة المؤامرة الدولية التي أعطوها ابعاداً درامية زائفة, والحل الوحيد للمعضلة السورية هو إزاحة النظام بالقوة العسكرية, وعن طريق جهد دولي أو حلف إقليمي ينهي المأساة السورية, والعالم العربي ليس في وارد الدخول في هذا الخيار أبدا, كما أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين ليسوا على استعداد لتكرار التجربة العراقية المرة, فهل يفعلها الإسرائيليون ويفجرون مفاجأة القرن بإسقاط أول نظام عربي بأيديهم, بعد أن أسقطوا سابقا عواصم عربية باحتلالهم بيروت والقدس? كل الاحتمالات ممكنة, لكن مع تزايد التدفق الإيراني لحماية نظام دمشق يبدو أن السيناريو العسكري الإسرائيلي هو اليوم على الطاولة ولا ينتظر سوى التوقيع! فهل ستفعلها إسرائيل? كل الخيارات واردة في عالمنا المجنون. العالم يقف على قدميه انتظارا لصدمة كهربائية كبرى في الشرق القديم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً