اراء و أفكـار

إعلانات للسرقة

حاتم حسن

فساد الدولة علني.. وما عادَ للفاسد حاجة للحذر والتستر.. ومثالها هذا التضافر بين وزارات ودوائر وبين الصحافة.. وعبر باب الإعلانات… فقد تدفع الوزارة مئات ملايين الدنانير شهريا للصحافة تحت باب الإعلان فقط… ووفق عمولة بين أطراف الصفقة… ويساعد في علنية وحرية الصفقة أن هناك من هو من الغشامة أو من الانصراف لصفقات مختلفة فلا يعبأ ولا يلتفت للنهب في مجال الإعلان… فالمفروض أن تتوخى الوزارة من الإعلان أن يصل إلى اكبر عدد من المواطنين المقصودين بالإعلان.. بينما الذي يحدث أن الوزارة قد تنشر إعلانها في جريدة محدودة الانتشار.. وتعرض عن النشر في الجريدة الأكثر انتشارا وشعبية وثقة… فالعمولة هي التي تقرر.. ويقودها أميون ومحتالون ولصوص، وتضررت الدولة ومصالحها وعلنا وبلا أدنى حياء أو حرج… فضلا عن القصد بمعاونة وإسناد صحف رديئة… ملغومة بالكراهية وتنزع لتمزيق المجتمع.. الصحفيون يعرفون بألم هذه الحقيقة وهم عاجزون عن التصرف… فالتسليم بالفساد طابع عام وتيار صريح وإعصار لا يني ينمو ويقوى… وسلم المثقف ورفع الراية البيضاء وألغى نفسه كموقف ورسالة… فكانت الصحافة بهذه الفجاجة والسطحية والضحالة، ثم بهذا الرفد والشحن لما يفرق ويفتت ويحطم ولا يجهد نفسه للدس في الدسم بل يجلي القصد ويعلنه… كما لو يبرهن عمليا أن الجهل والعدوانية وطابع المرحلة بالنهب قد تعاونت وتكاتفت لإقامة هذا الواقع… وتكتمل المأساة عندما يكون الصحفي ذاته في أدنى مراحله ومستوياته المادية والمعنوية… ووقع بقبضة كائنات دونية ستتكشف ممارساتها وحكاياتها الغريبة مع الصحفيين إذا ما توفرت العزيمة لفعل الصواب… ولمباشرة الصحفيين لرسالتهم… وإلا… فالواقع سيكون هزليا فاجعا… فالمواطن يفزع ويستنجد بالصحافة عندما يصيبه الجور والظلم، فما الحال إذا كانت الصحافة بهذه الهزالة والتدني وحال الصحفي بهذا البؤس؟؟؟ وكيف يرتفع صوت الصحافة ضد الظلم والجور والفساد ويدعو للسلام الاجتماعي ولتكاتف المواطنين وتمتين لحمتهم وتناصرهم وتكاتفهم وهو اعجز من أن يوحد كلمته كقطاع مهني بعدد محدود؟؟؟ أم أن الضغوط اكبر واخطر من أن يقف بوجهها؟؟ إن الفساد نحر شعبا وبلدا… وما لم تكن هناك نجدة وإرادة تغيير وزخم انتباهة فان واقع الصحافة سيبقى دقيق التعبير عن واقع ومحنة السياسة… وبوسع الخبير أن يحلل العراق برمته من عينة الصحافة ووسائل الإعلام.. فهي قطرة الدم التي يحتاجها المختبر… وانه معروض ومكشوف ويصرخ أمام الجميع…. من سيسجل جدارته وريادته في التغيير… ومن سيجتاز الامتحان… الحكومة أم الصحفيين؟..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً