اراء و أفكـار

عار الموت بسبب البرد

ماجد زيدان
موجة الامطار والثلوج التي هطلت في البلاد لم تكن نعمة على النازحين الذين يسكنون المخيمات او هياكل البنايات التي لم تكتمل بعد، كانت نقمة وما تزال فقد فقدوا في احصاءات اولية ستة عشر طفلاً تجمدوا في البرد على مرأى ومسمع من المسؤولين في الحكومة الاتحادية والاقليمية، لم تهتز نخوة احد لأغاثة هؤلاء وهو الامر المتوقع بعد اعلان الانواء الجوية عن اعصار هدى الثلجي.
من العار ان يقضي اطفالنا نحبهم من البرد والعراق من اقصى جنوبه الى اقصى شماله يطفو على بحر من النفط يقدر الاحتياطي غير المنتج بـ 130 مليار برميل، أي انه يكفي لأجيال بخلت الجهات المسؤولة ببرميل نفط لكل عائلة تعبر فيه الشتاء القارص وتحفظ حياة فلذات الاكباد الذين ضاقوا الامرين من الحرمان والموروث ومن الحاضر المزري غير المنصف والذي لا يتسم بالعدالة وضمان الطفولة.
المفارقة ان العراق وقع منذ زمن طويل على اتفاقية الاطفال التي باتت احدى الوثائق الدولية..
ولكن ماجرى عليهم هذا الاسبوع لم يشهده نظام ديمقراطي او دكتاتوري او اي صنف آخر، فمثل هذا الموت المجاني لأطفالنا لو كان في بلد آخر لاطاح بالعروش وقدم المسؤولين الى المحاكم لينالوا جزاءهم العادل على الاهمال وسوء ادائهم.
هذه العوائل المنكوبة وغيرها من النازحين هم ضحية النخب السياسية المتصارعة على السلطة والمغانم واخرى تعاونت مع الارهاب وجلبته جراء تشبثها بمواقفها وعدم شعورها بالمسؤولية.
فتقاتلت فيما بينها ومع الحكومة لتخلف حوالي مليوني نازح يتفرجون على مسيرتهم ويتكدسون في المعابر وهذه المدينة تلفضهم والاخرى تمنع عنهم العمل وتحاربهم بلقمة خبزهم وحكومة تتلكأ في اعادة بعضهم الى مناطقهم التي عادت الى سيطرتها…
أي ضيم هذا وضرر من ذوي القربى والاشد مضاضة.
من يتحمل مسؤولية هؤلاء الضحايا، الحكومة ام الارهاب ام القوى السياسية المتناحرة بارواحهم؟
انه سؤال يرسم الاجابة، لابد ان نوجهه لانفسنا وقبل ذلك الى كل من له علاقة بهذه المأساة ما كان ينقذ هؤلاء من الموت ، لا نشتريه من السوق العالمية ولا ننتظر ان تتصدق به علينا المنظمات الانسانية، وانما يتوفر وسعره اصبح ارخص من الماء، ولا يحتاج الى توافق السياسيين على مناقلة في الموازنة او الى زيادة العجز فيها او تخفيض تأثيث مكاتب او الغاء حصة الوقود المجانية لكبار المسؤولين في الدولة التي يأخذونها خلافاً للقانون للمولدات الحكومية في بيوتهم، ومما يقال في هذا المجال الشي الكثير.
لو احتاطت الجهات المسؤولة لهذا الشيء وحذرت المواطنين مما ينتظرهم لهان الامر، وربما وجدنا عذراً بأنه خارج الامكانات المتاحة، ولكن سكتنا ولم نبذل الجهد الملموس والكافي لنتقي هذه الموجة التي اتخذت دول الجوار كل ما هو ممكن للخروج منها بأقل الخسائر.
هذه الانواء الجوية ستتكرر بشكل اخف او اقسى فهل سنرى عملاً يحمي الناس منها ويجنبهم مأسيها التي لا مبرر للوقوع فيها.
وفي هذه المناسبة ندعو الناس الى التكافل والتضامن مع النازحين وقيام منظمات المجتمع المدني بحملات لجمع المساعدات وتقديمها لمستحقيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً