اراء و أفكـار

عرَّاب الطائفية «نوري المالكي» ينتقدها.. مهزلة كبرى

عقل العقل

شر البلية ما يضحك، فمن أسس للطائفية في العراق، وجذَّرها ومارسها باحترافية يخرج علينا اليوم وبشكل فج ليعطينا دروساً في محاربتها.
إنه رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، إذ قال في كلمة له بمناسبة المولد النبوي: إن السياسيين هم من قسَّم العراق إلى سني وشيعي، ونحن نقول: أين دورك في إقصاء الطائفية عندما كنت رئيساً للوزراء في العراق لمدة تجاوزت ثمانية أعوام؟ والحقيقة غير المختلف عليها أن فترة حكم المالكي كانت هي الأسوأ في تاريخ العراق، من حيث التميز الطائفي ضد المكون السني في بلاده، ولم يكن -للأسف- تهميشاً سياسياً لهذا المكون فقط، بل وصل إلى ترهيب وإبعاد السياسيين من هذا المكون، ووصل إلى حد قتل بعضهم وهرب آخرين إلى الخارج.
كلنا يتذكر ما قامت به قوات المالكي، وليس الجيش العراقي، من حصار للمناطق السنية، والتي قامت بها مظاهرات واعتصامات سلمية، وكيف مارست تلك القوات وبطريقة وحشية ضد تلك الاعتصامات، واستمرت في دكها بالصواريخ والمدافع، وكأنها تحارب عدواً خارجياً، وليس مكوناً أصيلاً من الشعب العراقي، ويأتي إلينا الآن ويعطينا المحاضرات والعبر والدروس في كيفية محاربة الطائفية. أين كنتَ من هذه الدرجة من العقلانية والحكمة عندما كنت في سدة الحكم؟ إنما تنظر فيه الآن هو لعب وضحك على عقول الشعب العراقي والشعوب العربية. لقد كان همك فقط هو البقاء في الحكم على جثث شعبكم، وتقسيمه بشكل طائفي بشع وخطر، ليس على العراق فقط، بل على كل المنطقة العربية. أنت من أسس لهذه الطائفية البغيضة في بلادكم، وحاول تصديرها إلى دول الجوار، وقد لا أكون مبالغاً إذا قلت إن سياساتكم الطائفية هي من مهدت الظروف والأرضية لظهور تنظيم داعش وخلقت البيئة الحاضنة له في بعض المحافظات العراقية.
فبسياسات الإقصاء والقتل والتهجير لبعض المناطق السنية، لم يكن الخيار أمامهم إلا الانضمام إلى هذا التنظيم الإرهابي، وفي عهدكم شاهدنا فلول الجيش العراقي -والذي صرفت عليه البلايين- تنهزم بشكل مذل، أمام قوات «داعش»، في طريقة تدعو إلى الاستغراب، هل كان بتخطيط من حكومتكم؛ لتحقيق أهداف سياسية للتيار الذي تنتمون إليه سياسياً، في محاولة منكم لاستغلال مفهوم الإرهاب وجماعاته واستعطاف المجتمع الدولي بأنكم تقفون ضد الإرهاب؟ ولكن النتيجة كانت مخيبة لكم، فأُسقِطت حكومتكم على خلفية احتلال تنظيم داعش، واقترابها من العاصمة العراقية بغداد. للأسف كنت رأس الحربة في الارتماء بأحضان إيران التي أصبحت سفارتها وسفيرها ومستشاروها هي من يُحكم سيطرتها على العراق. لقد كانت سياساتكم الإقصائية لبعض مكونات الشعب العراقي هي من جعل العراق تحت الهيمنة الإيرانية، وأخرجه من محيطه العربي، كلنا يتذكر الدعوات الصادقة التي كانت تخرج من الرياض، أن أسباب الاحتقان وخطر التقسيم الذي كان يهدد العراق في فترة حكمكم، هو بسبب سياساتكم الطائفية ضد أبناء السنة في بلادكم، ولكن لم تستمع إلى تلك النصائح الصادقة، ودفعت العراق والمنطقة إلى خطر الحروب الطائفية، وجعلته وجهة للمتشددين والإرهابيين من كل دول العالم.
كلنا يتذكر موقفكم من الثورة السورية، والذي انحاز -وبشكل فج وواضح- إلى نظام الأسد ضد شعبه، الذي يطالب بالحرية والعدالة كما كنتم تنادون بالمبادئ ذاتها عندما كان صدام يحكم العراق، فالمبادئ والأخلاق لا تُجزَّأ ، فكان جديراً بكم الوقوف على الحياد -على الأقل- في الأزمة السورية، ولكن كلنا يتذكر قواتكم وهي تشارك في ضرب الشعب السوري في المناطق الحدودية بينكما، إضافة إلى أن العراق أصبح ممراً للطائرات الإيرانية، التي تنقل المقاتلين والأسلحة للنظام السوري.
هذه المواقف السياسية من حكومتكم، هي -للأسف- من أجج الطائفية في المنطقة كلها.
في الختام كم كنت أتمنى أن يسكت نوري المالكي إلى الأبد، فصحفته غير مشرفة لشعبه ولمحيطه العربي، فأنت -وبلا منازع- عرَّاب الطائفية السياسية والدينية، وعلى الأقل افسح لرئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي الفرصة في سياسياته لترميم الجسور مع محيطه العربي والإقليمي لعل وعسى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً