اراء و أفكـار

اغتيال ائمة الجوامع

ماجد زيدان

ليس البصرة لوحدها تعرضت الى اغتيال ائمة جوامعها، فقد حدثت قبل هذه الجريمة النكراء والبشعة في اكثر من محافظة ومدينة، كانوا رجال الدين هدفاً للقوى المتطرفة والتي تتخذ العنف سبيلاً لتحقيق غاياتها وفي مقدمتها اثارة الفتنة الطائفية او في محاولة لاسكات صوت العقل والحكمة والدعوات للتسامح ونبذ العنف وتحريم استباحة وهدر دم المسلم واستنكار الاعتداءات على المواطنين والعيش على السحت الحرام.

وكل هذه المسائل وغيرها مادة للقوى المتطرفة والارهابية من كل لون وشكل ومهما اتخذت من مسميات تحاول الاختباء خلفها لستر قبحها ومعادتها لحقوق الانسان والانسانية والوطن عموماً.

لقد تمتع جنوبي البلاد باستقرار امني نسبي وتراجع استخدام العنف فيه لنسب ملموسة حتى الجريمة جرى الحد منها بقدر معين، ولكن ذلك لا يروق لبعض القوى الموغلة في اجرامها، وبين الحين والاخر تريد ضرب هذا الاستقرار لجذب الانتباه وشده الى غير مقصده وللتغطية عما يجري في امكان اخرى من البلاد، واعطاء الانطباع ان البلاد كلها ليست آمنة بالمطلق، وان الحكومة عاجزة.

في الفترة الاخيرة لمس المواطن اعلانات متكررة للقوى الامنية عن ضرب بعض العصابات وعناصر الجريمة المنظمة والقبض على الهاربين الى الاماكن الاكثر امناً نتيجة لتكريس الجهود والارتقاء بمستوى اداء الاجهزة الامنية.

على ما يبدو ان البعض الذي يراهن على تصوير الحرب على الارهاب وداعش على انها حرب بين المذاهب والاديان اراد ان يؤشر ويدعم تصوراته المريضة والخاطئة بالتلاقي مع داعش من خلال ضرب تجمعات او رجال الدين لاعطاء بعض المصداقية للاستشهاد بها وارباك المشهد السياسي والاجهزة الامنية واشغالها بفتح جبهة قديمة جديدة لتشتيت تركيزها وجهدها والحد من مساهمتها في المعركة الاساسية ضد داعش وتحرير الاراضي من سيطرتها، لاسيما انها تتزامن مع تقدم في المعارك على الجبهات المختلفة.

والاهم من ذلك تقويض التفاهم بين الاحزاب والمؤسسات الرئاسية في البلد والتعاون والتنسيق فيما بينها الذي نشهده، وحرفها عن انجاز اتفاقها السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة.

ان افضل رد على هؤلاء المتربصين بالاستقرار والوحدة الوطنية والمجتمعية هو بالكشف عن المجرمين وملاحقتهم وتقديمهم الى القضاء العادل، واشعار الناس بان الاوضاع لم تعد كما كانت في الماضي القريب، ان البلد بحكومته الجديدة بدأ عهدا خلف وراءه تسجيل الجرائم ضد مجهول.

كما ان ما يحد من هذه الاختراقات في المحافظات المستقرة نسبياً يكمن بالبقاء على حذر وترقب والمتابعة الجادة للاوضاع الامنية، والسعي باقصى سرعة لتطبيق الاتفاقات السياسية واستكمال تشريع القوانين والاجراءات لأجراء المصالحة الوطنية التي ينتظرها شعبنا بفارغ الصبر، هذا هو الرد البليغ الذي يخرس كواتم الصوت ومعادل الهدم والتخريب.

ففي مقدمة ذلك اصدار التشريعات اللازمة بشأن العفو العام وانهاء المساءلة والعدالة وتحويلها الى القضاء وانشاء الحرس الوطني وتشريع حزمة القوانين المختلف عليها وغير ذلك مما يعزز الوحدة الوطنية ويوجد ابناء شعبنا خلف حكومته المنتخبة واجهزتها الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً