اراء و أفكـار

الشيعة.. مواطنون لا وصاية لإيران عليهم..

يوسف الكويليت

لا يوجد في القوانين الدولية ما يعطي حق الوصاية لدولة على أخرى، إلا في عهد الاستعمار حين اعتمدت بريطانيا هذه القوانين بدعوى تأهيل الشعوب لحكم نفسها، وهي نظرية استعمار بثوب آخر ودعاوى غير قانونية..

إيران تحاول أن تكون الولي الكوني على المسلمين الشيعة بصرف النظر عن هوياتهم الوطنية وانتماءاتهم وخضوعهم لقوانين بلدانهم، وهذا يذكّرنا بعهد الاتحاد السوفياتي حين تم اعتقال مجموعة من الشيوعيين في بلد عربي، وقد احتج من منبر تلك الدولة «خروتشوف» فرد عليه الرئيس العربي بأنهم مواطنو بلده ولا يحق له التدخل في شؤون بلد آخر، وإلا لفتحنا ملفات القوميات والشعوب المهجرة والمضطهدة في بلده، وإيران تذكّرنا بهذه الواقعة عندما اعتقلت البحرين مواطنها الشيخ علي سلمان وهي بلد ذو سيادة وله نظمه وقوانينه أسوة بإيران التي مارست أبشع المخالفات مع التركمان والعرب والأكراد والأذريين وبقية الأقليات الأخرى لدرجة أنها مارست نفس أساليب «ستالين» بمسخ هويات شعوب، والقضاء على معتقداتها وتراثها الإنساني والروحي، ولم يقتصر الأمر على تلك الأجناس فحتى الإيرانيين من كبار الأئمة أو الطلبة الذين يمارسون حقهم في الاحتجاج والتظاهر يعاقبون بالاعتقالات والحرمان من الدراسة؛ ولذلك فسجل حقوق الإنسان فيها منتهك وهو ما قالت به المنظمة وغيرها، إذ إن الطابع العام لسياسة إيران هو محاولة وضع نفسها بمكان أكبر من حجمها، وهو استهلاك سياسي لإخفاء طبيعة الأزمات في الداخل..

زمن التدخلات في شؤون الغير ولى وانتهى، إلا بقايا نزعات دول كبرى لا تزال تتصرف بحس مبدأ القوة، وأمريكا كآخر هذه الدول مارست هذا السلوك فيما تعيبه على روسيا مع أوكرانيا، وكلتا الدولتين تمارس أسلوباً غير قانوني إلا شريعة الغاب، وإيران ليست بحجم إحداهما لترى نفسها قائمة على مواطنين عرب أو غيرهم..

في كل بلدان العالم هناك أديان وأقليات ومذاهب، ولم نر الفاتيكان مثلاً يرسل قوات لإنقاذ المسيحيين في العالم، ولا نجد الصين تدافع عن أقلياتها وكذلك الهند في العالم لأنهم اكتسبوا حقوق بلدانهم الأصلية، ولعلها تتذكر حربها مع العراق حين كان معظم الجنود الذين حاربوا هم عرب شيعة لأن المبدأ العام يجعل حق الوطن فوق أي حق آخر..

ممارسة إرهاب الدولة من قبل إيران نموذج للحروب الدينية القديمة وبسبب ممارساتها وتدخلاتها في العراق وسورية نبتت داعش كرد فعل طبيعي لشعب يجد نفسه رهينة قوة إقليمية، والترشيحات تضعها على نفس الخط مع أقلياتها التي انفجرت في بلوشستان والأهواز والتركمان وغيرهم، وهم مسلوبو الحقوق والذين لا يجدون من يدافع عنهم، والبحرين ليست دولة ملحقة بإحدى محافظات إيران، وحين تحاكم وتوقف وتعتقل فإنها تمارس حقها الطبيعي وليس لأي دولة حق الفعل المضاد تجاهها، ولذلك على الأمة العربية أن تدرك أن إيران التي تفاخر بأن لها قوة داخل بلدانهم أكبر من حزب الله أن ترى هذا انتهاكاً لحقوقها ومباشرة الاستعداد لما هو أسوأ في المستقبل البعيد..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً