اراء و أفكـار

أماني العام الجديد

رباح ال جعفر*

فِي اليوم الأخير من السنة تشعر بالإحباط وبالقهر. تنثال عليك الأسئلة عن أمانيك في العام الجديد؟ هل أنت متفائل؟ وماذا تتوقع؟ وكيف ترى المستقبل؟ وما ملامح الغد؟ وهل سيكون جميلاً؟ وأين ستقضي السهرة هذا المساء؟ ينتابك شعور بالكآبة حين تواجه الحقيقة.

تكتشف ليس في أوراق الروزنامة يوم واحد للفرح، ولا مناسبة سعيدة للاحتفال، وأن العام الآتي ليس أفضل من الأعوام السالفة. فكل أيامنا أتعس من بعضها. البارحة أفضل من اليوم، واليوم أفضل من الغد. وكل أعوامنا مغضوب عليها، وكل الآفاق مسدودة، وكل الدروب تضيق. تهجم عليك الأسئلة المريرة. أسئلة عن فقدان الأمن، والجوع، والفقر، والمرض، والغد المجهول، والأحلام الملفوفة بالنعوش، في وطن يرتجف مثل ريشة في مهبّ الريح. لا أمانيك تحققت، ولا الجنازات توقفت. تبددت أعمارنا قبل مواعيدها، ولا ماتت الأسئلة.
أؤمن أن في العمر لحظة، وأن حساب العمر حساب مواقف لا حساب سنين، وأن الدنيا على سعتها تبقى أصغر من راحة اليدين، أو كما قال شوقي: قد يهون العمر إلا ساعة. لكن السؤال: أين هي هذه اللحظة الجميلة، والساعة التي تساوي العمر كلّه؟! كم أحلم في العام 2015 بصورة مشرقة، آسرة، جميلة. كم أتمنى أن أكون متفائلاً. أن أكتب بطريقة أخرى، عن الطفولة، والبراءة، والشعر، والبحر، واللؤلؤ، والفرح، والوردة، والغيمة، وصوت المطر. فيستوقفني طفل في مدينة عراقية اسمها حديثة، تعيش منذ شهور تحت النار، والحصار. يقول لي: إن أعز أمانيه في العام الجديد أن يحصل على قطعة حلوى! شعرت بخجل عظيم أمام أمنية هذا الطفل. شعرت بالعار وبالانكسار، كم هو محزن عندما تصبح أعزّ أماني أطفالنا أن يحصلوا على قطعة شكولاته في بلد ساسته أفاقون، فاسدون؟! كم هو مؤلم عندما تموت الأحلام لعائلة عراقية لاجئة داخل أسوار بلدها، ولا يبقى لها سوى الحلم في العودة إلى بيتها المحتل؟!
تذهب سنة وتأتي سنة، وأنت تنزف أحلامك قتيلاً قتيلاً، وتودع أعوامك نعشاً نعشاً، وتحصي ما تبقى من أيامك مثل أم حزينة تحصي من بقي من أولادها، فلا تجد إلا صوراً معلقة على الحيطان. لا أستطيع أن اكذب عليك، فأقول إن حياتك في العام الآتي ستتحول إلى بساتين من العشق. فعندما يصل الخراب هذا المستوى، فإنه ليس هناك من حلّ إلا البلدوزر. بكلمة واحدة: نحن نعيش زمن الانحطاط بجدارة. انحطاط في كل شيء. إذا كان لا بد أن نختار وصفاً سريعاً للعام 2014 وهو يحزم حقائبه ويرحل، فإنه عام الانحطاط..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً