اراء و أفكـار

حملة تجريم الميليشيات الإرهابية في العراق

داود البصري*

لعل أسوأ تركة كريهة وبشعة خلفها رئيس الحكومة العراقية المخلوع نوري المالكي خلال سنوات حكمه وتسلطه الثمانية العجاف هي ظاهرة انتشار وتوسع العصابات والميليشيات الطائفية الارهابية المسلحة التي ارتكبت افعالا ارهابية يندى لها الجبين الانساني من قتل وسرقة واختطاف وتفجير لمساجد اهل السنة وتحت راية شعارات طائفية مريضة ومستهجنة مما جعل من العراق ارضا للموت والدمار والخراب المدمر.

فاضافة لتدهور اوضاع المؤسسة العسكرية العراقية والانهيار الكبير الذي اصابها بسبب الترهل الاداري الكبير والفساد الرهيب والذي كلف خزينة الدولة مليارات الدولارات استفاد منها من استفاد من مكتب القائد العام (المالكي) وازلامه ورجال اعماله بسبب الجنود الوهميين وعملية الاختلاسات الكبرى التي فضحتها معارك صلاح الدين والموصل في الصيف الماضي, فان نمو الجماعات المسلحة من خارج اطار الدولة قد شهد تناميا مرعبا بعد اطلاق يدها في مايسمى بعمليات الحشد الشعبي واستغلال الفتاوى الدينية والمذهبية, حتى اصبحت تلك العصابات الطائفية هي البديل الموضوعي والميداني للجيش الحكومي المنهار وتحت قيادات ايرانية مباشرة! وهو ما يجعل المشهد العراقي اكثر من ماساوي, فتلك العصابات الطائفية جل عناصرها من الاميين الطائفيين الذين تسيرهم الاهواء الجامحة وعقلياتهم المحدودة والخاضعين لعملية غسيل دماغ منظم ووفق رؤى طائفية رثة ودموية استحضرت كل ملفات وخرافات التاريخ المندثرة, رحل المالكي عن سدة السلطة التنفيذية الاولى ولكن توابعه ومخلفاته وكوارثه لم تزل تخدش وجه العراق مسببة له المصائب والكوارث والصعاب.
حيدر العبادي في جميع معالجاته لثقوب وكوارث قائد حزبه (الدعوة) اقدم على معالجة بعض النتائج ولم يعالج الاسباب الجذرية, فعزل واستبدال القيادات العسكرية والامنية والاكتفاء بذلك ليس حلا حقيقيا لازمة دولة في الهاوية, بل كان من الضروري والواجب احالة جميع ملفات الفساد للقضاء ونزع الحصانة عن القائد العام السابق نوري المالكي واحالته للمحاكمة ومحاسبته عن الهدر والنزيف المالي بصفته قائدا عاما وتطبيق القانون بحذافيره, وهو الامر الذي لم يحصل ولن يحصل وليس من المتصور ان حصل في بلد تسيره وتحكم الياته اعتبارات طائفية ومصالح فئوية, ولعل اكبر جناية اقترفها المالكي هو اطلاق يد العصابات الطائفية بذريعة اشراك الشعب في مقاومة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)! فتحولت العصابات التي كانت محظورة لتكون هي عماد الدفاع الوطني بعد انهيار الجيش ودخل الحرس الثوري الايراني مباشرة في العمق العراقي من خلال التنظيمات المسلحة العراقية الشيعية التابعة له وهي مجاميع (عصائب اهل الحق) و(فيلق بدر)! و(كتائب حزب الله) و(لواء ابي الفضل) و(اليوم الموعود)! والعشرات من الاسماء والعناوين الطائفية الاخرى التي حولت المعركة في العراق للاسف لحرب طائفية بشعة وكريهة وقد تزامن انتشار الميليشيات والعصابات المسلحة باسلحة الدولة والمتنقلة بالياتها مع تصاعد عمليات القتل الطائفي والخطف من اجل الحصول على الفدية وهي عمليات باتت تقض مضاجع العراقيين وخصوصا في العاصمة العراقية بغداد وحيث تبين وقوف عدد من اقارب وحمايات كبار المسؤولين في الدولة خلف تلك العمليات الارهابية والتي تعبر عن سقوط وتلاشي هيبة الدولة بشكل مفجع, فابناء شقيق الوزير باقر صولاغ وهم ضباط في حمايته شكلوا تنظيما عصابيا للخطف, وهناك نائب برلماني عراقي اخر يتزعم عصابة للخطف. وهناك رجل دين معمم تحول لرجل عصابات يقوم بنفس المهام القذرة. اما الاعتداء على اهل السنة فقد تصاعدت انباء فظاعاته حتى ضمن الدائرة الفقهية الشيعية حيث استنكر السيستاني ما يتعرض له اهل السنة على يد العصابات الطائفية وبما يعني ان الامور قد وصلت لدرجة خطيرة من التسيب والانفلات. المهمة الوطنية الاولى والملحة لحكومة حيدر العبادي هي تجريم وملاحقة جميع الجماعات المسلحة وخصوصا تلك الميليشيات الطائفية العاملة تحت لواء الحشد الشعبي. وهي مهمة صعبة بل تكاد تكون مستحيلة واكبر من قدرة العبادي على مقاومة الضغوط الايرانية تحديدا, طريق وحيد للانفراج في العراق يتمثل في الضرب بيد من حديد على اهل الميليشيات الارهابية, فهل يفعلها العبادي ليكون رجل دولة حقيقيا ام ان الفوضى تظل سيدة الموقف حتى يقرر الله امرا كان مفعولا?

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً