اراء و أفكـار

نوري المالكي رمز إرهابي دولي؟

داود البصري*

ضمن سلسلة من التحركات الداخلية والخارجية, زار النائب الأول لما يسمى رئيس جمهورية العراق, ورئيس الحكومة السابق “المخلوع” نوري المالكي بزيارة العاصمة اللبنانية بيروت وحيث تم استقباله نيابيا من قبل جماعة “حزب الله” الإيرانية في لبنان! وفي الوقت نفسه رفع المحامي اللبناني الأستاذ طارق شندب دعوى قضائية مستعجلة ضد نوري المالكي تتهمه بممارسة الإرهاب فوق الأراضي اللبنانية عبر المشاركة في تفجير السفارة العراقية في بيروت في 15 سبتمبر عام 1981 مما أدى الى مصرع عدد من الأبرياء, ومنهم مواطنون لبنانيون إضافة لطاقم السفارة العراقية, وكذلك السيدة بلقيس الراوي سكرتيرة السفير وزوجة الشاعر الراحل نزار قباني!
وطبعا هذا الاتهام الذي يعود لأكثر من ثلاثة عقود لا يسقط بالتقادم لأنه متعلق بالإرهاب ضد الإنسانية , كما أن ذلك الملف الحيوي لا يشمل آلاف الجرائم الإرهابية, والطائفية, وعمليات القتل بالجملة التي ارتكبها نوري المالكي والميليشيات العاملة معه بعد أن تولى رئاسة وزراء العراق في واحدة من أكبر تناقضات التاريخ وصوره الانقلابية المضحكة, وهي في أن يتحول إرهابي ضرب المصالح الأميركية والغربية, وكان أداة إيرانية صرفة لتسويق الإرهاب الطائفي في المنطقة لرئيس حكومة وتحت الرعاية الأميركية والغربية! إنها صور تحول غريبة وعجيبة لا نراها إلا في الشرق التعيس, وحيث الكارثة تجاور الخرافة! ورغم الجهود القانونية الضخمة التي أبداها المحامي اللبناني طارق شندب لمحاربة الإرهاب والوقوف بوجه رموزه الدوليين إلا أن استجابة الحكومة اللبنانية لن تكون أبدا بمستوى المسؤولية لمحاذير وموانع سياسية وديبلوماسية ومصلحية وذاتية أيضا! ولكن إعادة نبش ذاكرة الإرهاب أمر جميل في ظل الحملة الدولية لمقاومة الإرهاب ودحره.
والواقع إن الماضي الإرهابي لنوري المالكي, ولغالبية قادة الميليشيات الطائفية التي تحكم العراق اليوم ليس بالسر المكين, ولا يمثل مفاجأة لأحد, لأن نوري المالكي شخصيا ومنذ أن هرب الى ايران عام 1980 كان يمارس دورا إرهابيا يسمونه في عرفهم الإيراني “جهادا”! وكان فعلا أحد أعضاء خلية “الجهاد الإسلامي” وهي البذرة التنظيمية الأولى ل¯”حزب الله” اللبناني والتي سنت أعمالا إرهابية انتحارية كانت هي الرائدة فيه, بدأتها بتفجير السفارة العراقية عبر انتحاري عراقي تم غسل دماغه طائفيا اسمه “أبومريم”, ثم توالت الأفعال الإرهابية الانتحارية الرائدة التي سبقت أفعال “القاعدة” وغيرها عبر تفجير مقرات” المارينز” الأميركي والفرنسي في بيروت في ربيع عام 1983 , ثم كانت الإنتقالة الارهابية الكبرى نحو دولة الكويت في 12/12/1983 عبر تفجيرات إرهابية كبرى شملت السفارة الأميركية القديمة في بنيد القار, ومنشآت وطنية كويتية أخرى, وقد وقفت خلفها المجموعة نفسها من الإرهابيين الطائفيين العملاء اللبنانيين والعراقيين, ومنهم نوري المالكي, وأبومهدي المهندس وعموم حزب “الدعوة” الإرهابي العميل , وطبعا كان لبنان في ظل الفوضى التي سبقت وأعقبت الاحتلال الإسرائيلي عام 1982 المركز القيادي لجماعات الإرهاب الطائفي الإيراني في الشرق.
يعود المالكي اليوم, وهو مسؤول عراقي كبير لمقر جريمته الإرهابية الأولى في لبنان والتي كان لنجاحها دور كبير في استمرار وتطوير العمل الإرهابي في الشرق وفي خلق مراكز قوى ونفوذ طائفية كبيرة في لبنان جعلت من, “حزب الله” وهو التنظيم الذي كان صغيرا بمثابة مركز إرهابي إيراني دولي في لبنان!
لقد كانت تلك الجريمة الشنيعة هي الأساس الذي تمت بعده كما أسلفنا جملة من العمليات الإرهابية الكبرى التي هزت الشرق الأوسط واستمرت حتى اليوم بصيغ ووسائل متباينة , وأتذكر أنه بعد التفجير سيطرت عناصر حركة أمل اللبنانية بقيادة نبيه بري, وقتذاك, على الموقع ونهبت وثائق وأوراق السفارة العراقية, ومنها مجموعة من جوازات السفر غير المكتوبة, وقد سلمتها للمخابرات السورية أيام الاحتلال السوري للبنان, وقامت المخابرات السورية بتقليد وطباعة جوازات عراقية مزورة كلفت أتباع ووكلاء النظام الإيراني في الشام بتسويقها وبيعها بسعر 250 دولارا أميركيا للجواز , ويكون الدفع بالدولار وليس بالليرة السورية! ومن أهم مسوقي وباعة تلكم الجوازات المزورة كان الوزير الحالي العراقي باقر صولاغ, وكان وقتذاك, ضابط ارتباط بين المخابرات السورية وجماعة حركة المجاهدين العراقيين “تنظيم الحكيم” وكانت مهمته لوجستية بحت تتمثل في تجنيد بعض المغرر بهم وغسل أدمغتهم طائفيا وتكليفهم تنفيذ أعمال إرهاب انتحارية في العراق, خصوصا ضد المصالح الحكومية والمؤسسات الخدمية, وهو ماحصل فعلا عبر تفجير وزاة التخطيط والإذاعة والتلفزيون والتسبب بمقتل عشرات المدنيين العراقيين, وبما تسبب أيضا عام 1982 بنقل قمة عدم الانحياز التي كان مقررا أن تعقد في بغداد للعاصمة الهندية نيودلهي, وكان ذلك مطلبا إيرانيا تكفل عملاء إيران في العراق بتحقيقه, ومنهم ومن أبرزهم نوري المالكي وصولاغ, والحملة الدولية ضد الإرهاب لا تكتمل فصولها الحقيقية إلا بإدراج أسماء الكثير من القيادات العراقية الحاكمة حاليا فيها ومتابعتهم, جزائيا وقانونيا, ومنهم المالكي وصولاغ والمئات من المسؤولين السابقين والحاليين , وأتذكر أن شويعرا دعويا اسمه أبومدين الموسوي! تحول لوكيل لوزارة الثقافة العراقية لاحقا تحت اسم جابر الجابري قام بنشر قصيدة تمجد تفجير السفارة العراقية في بيروت, وتشمت بمصرع السيدة بلقيس الراوي, وموجهة للشاعر الراحل نزار قباني بعنوان “بلقيس أنت قتلتها”! وهي طبعا قصيدة “عنطوطية” تافهة كتفاهة فكرهم الطائفي الإرهابي ولكنها تعتبر فعلا ممجدا بالإرهاب.
المهم ضرورة التركيز على ملاحقة الإرهابيين ولو تحولوا لحكام وقادة وانهيار العراق اليوم ووقوعه تحت براثن الحرب الأهلية الطائفية هو نتيجة حتمية لهيمنة أهل الإرهاب الطائفي الرائد على مقدراته… تحية لجهو د المحامي اللبناني الإنسان طارق شندب , وليسقط الإرهاب ورعاته ووكلائه في كل زمان ومكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً