اراء و أفكـار

العلواني والمصالحة العراقية

أحمد مصطفى علي*

من المؤكد أن قرار الحكم بإعدام النائب العراقي السابق أحمد العلواني، الذي صدر عن محكمة الجنايات الكبرى، في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق، كانت آخر طلقة في جعبة حكومة بغداد ورصاصة الرحمة في رأس المصالحة الوطنية في عراق ما بعد التغيير، خاصة أن مضمون التحقيق ظل طي الكتمان، الأمر الذي يثير شكوكاً في أن القضية تم تسييسها لمصلحة قوى ترفض المصالحة وتعمل دائماً على وضع العصي في عجلاتها، لإدامة الصراع وإبقاء البلاد في حالة من الفوضى.
لم ترق المصالحة الوطنية التي قطعت شوطاً كبيراً وخطوات ملموسة، في بلاد الرافدين، لأصحاب المصالح الضيقة فقاموا برد سلبي، باتخاذ القرار القاضي بحكم الإعدام على النائب العلواني، الأمر الذي يطرح علامات استفهام كثيرة، ليس فيما يتعلق بدلالات التوقيت فحسب، ولكن لأنه لم يتم الإعلان عن المحاكمة ومجرياتها وحيثياتها، ومن هم الشهود وما هي الاتهامات الحقيقية التي وجهت؟
صدور حكم الإعدام بحق العلواني في هذا الوقت بالذات يخشى أن تكون له آثار سلبية في المواجهة مع تنظيم “داعش” الإرهابي، لاسيما في الرمادي، إذ تتشارك حالياً عشائر الرمادي والأنبار، ومن بينها عشيرة البوعلوان التي ينحدر منها النائب المحكوم عليه بالإعدام، في قتال “داعش” جنباً إلى جنب مع الحكومة والجيش العراقي، فعوضاً من تمتين لحمة الشعب بكل مكوناته، يأتي هذا الحكم ليبعد واحدة من أكبر العشائر في غربي البلاد عن المصالحة التي يجب ألا تستثني أحداً .
المراقب للشأن العراقي، لا يحتاج إلى كثير من الجهد ليقتنع أن صدور هذا الحكم في هذا التوقيت الحساس جاء لإضعاف تأثير رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي في أداء مهامه بالشكل الأمثل، وإضعاف قدرته على خلق جو من التفاهم مع العشائر السنية التي تقاتل “داعش” .
كان يمكن للقضاء العراقي أن يرجئ النطق بالحكم إلى وقت مناسب، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو هل هذا الحكم يدعو إلى الإصلاح بين المكونات العراقية و أو أنه يثير الفتنة؟ وإذا اعتبر مثيراً للفتنة، فمن المستفيد ولمصلحة من أن يبقى العراق متشرذماً إلى هذه الدرجة، وأن يستمر هذا الشرخ في جسده؟
عشائر الأنبار التي تتصدى الآن لإرهاب “داعش”، مثلما تصدت خلال السنوات الماضية لتنظيم “القاعدة”، وعشيرة “البوعلوان” بالذات، تقاتل بشراسة في منطقة الحوز بالرمادي ضد التنظيم المتطرف وتسجل مواقف مشرفة، وبالتالي فإن هناك حساسية، خاصة من موضوع إصدار حكم إعدام بحق أحد سياسييه في هذا الوقت بالذات بصرف النظر عن حيثيات الحكم، حيث تتطلب هذه المرحلة من العراقيين أن يقفوا وقفة رجل واحد في مواجهة الإرهاب، بدلاً من إجراءات تثبط العزائم والهمم في مواجهة الخطر .
– See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/18df91f4-3899-4cf0-8b3c-ae50d62f77a6#sthash.LhIjpGMV.dpuf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً