اراء و أفكـار

من اين تبدأ الحملة على الفساد؟

ماجد زيدان*

الناس في مجالسهم يتداولون قضية الحرب على الفساد ويصفونها انها لا تقل اهمية عن المعركة على الارهاب، بل ان البعض يذهب الى التلازم بين المعركتين ولا نجاح في احدهما دون الاخرى وان هذه المسارات يتعذر ويستحيل الفصل بينهما نظراً الى التشابك والتداخل بينهما.

وايضاً المعركة ضد الفساد لا تقتصر على مجال محدد بعينه او يعطي اهمية على حساب القطاعات الاخرى، وانما الحرب شاملة في كل الميادين، وبمناسبة هذا الحديث ان بعضاً يرى ان مكافحة الفساد تبدأ من الجهاز الاداري وليس من المؤسسات الامنية وواقع الحال ان الاخيرة هي من الاجهزة الضابطة لحركة سير المجتمع ومنها ينطلق الدفاع وحماية القانون والذي يكرس كذلك في القضاء واي اصلاح وجهد جدي يراد له ان يكون مستمراُ تكون نقطة انطلاقه من هاتين المؤسستين الامنية والقضائية، فان فسدتا ضاع البلد في الفوضى ولا يمكن مسك الامور وضبطها، فهما مسؤولتان عن التقيد باحكام القانون، وهو شرط اساس في الدولة الديمقراطية الحقة التي ينال فيها المواطن حقوقه وينفذ من خلالها واجباته، فنزاهتهما وسلامتهما من الفساد ونظافتهما تأكيد لهيبة القانون واحترام الناس له باللجوء اليه لردع كل معتد ومنتهك للاخلاق والاعراف السائدة في المجتمع، والحفاظ على المال العام والحقوق والحريات العامة وفي مقدمتها حقوق الانسان بمعناها الشامل.

نحن نلمس نتيجة التركيبة الخاطئة للمؤسسة الامنية واختلال عملها، وكذلك القضائية ان كثيرا من المجرمين لم يعد يخشى المخالفة وارتكاب الجريمة، وانه ببساطة وجد الكثير منهم انفسهم خارج اسوار السجون وساحات القضاء، بطرق واساليب شتى، وعلى عينك يا تاجر اما بنفوذ سلطوي او اسناد من مجموعات متطرفة او بالمال الحرام والشراكة فيه مع امثالهم في مواقع المسؤولية.

الناس جراء فقدانهم الثقة بمؤسسات الدولة وانتهاك حرماتها وضعفها امام المغريات والنافذين في الدولة بدؤوا يلجؤون الى ولاءاتهم الفطرية للدفاع عنهم من العشيرة والاقارب والتقرب الى اصحاب السلطة من عديمي الضمير.

فالمواطن في ظل الفوضى وخراب البلد و انتهاك القوانين وضعف الاجهزة الضابطة والقضائية وجد نفسه مضطراً للاحتماء او حتى بالانتماء الى بعض المنظمات المتطرفة التي توفر له الحماية او تطلق يديه وتسانده في التسلط والاعتداء على الاخرين.

هذه المنظمات في اجواء غياب القانون او التدليس عن تنفيذه على البعض اصبحت دويلات داخل الدولة وتسخر بعض الاجهزة الامنية والقضائية في خدمتها وتسير امكاناتها لتنفيذ مآربها ومنافعها.

نكرر مرة اخرى ان الحملة على الفساد والاداء السيئ بدايتها الصحيحة تبدأ من الاجهزة الآمرة بالقسر والمطبقة للقانون، وهذا لا يعني عدم شموليتها لبقية القطاعات وضرورتها، فمن هذه الاجهزة يمكن ملاحقة المفسدين في ادارات الدولة وقطاعاتها والتمييز بانواعه ويجد المواطن من يحفظ له حقه في حال الانتهاك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً