اراء و أفكـار

نيران تحت المطر

احمد الجنديل*

ما حصلَ من هزّة عنيفة في المؤسسة العسكرية، أثار جدلاً بين دعاة الحرص على أهمية احتضان الكفاءة العسكرية، وبين دعاة تطهير هذه المؤسسة التي أثبتت عجزها في مواجهة الإرهاب، ودخولها إلى دائرة الشبهات، وضلوع بعضها في جرائم فساد.

ودعاة التباكي على هدر الكفاءات، تناسوا هدر الدم العراقي، وهدر المال العراقي، وهدر أرواح العراقيين، وتشريد العوائل وما نتج منها من انتكاسات وويلات.
ودعاة التنظيف والتطهير الذين أبدوا ارتياحاً لما حدث، يعتقدون أنّ ما حصل يمثل خطوة أولى على طريق اجتثاث بؤر الفساد والرذيلة من جميع الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية التي تعاني من فساد مالي وإداري، جعلت المواطن العراقي يفقد الشعور بانتمائه إلى وطنه، فهو محاصر بالذل، مضطهد بسياط التهميش، مسلوب الإرادة أمام جهاز فاسد لا يعرف غير الجشع والتشفي والانتقام.
لقد أفرز الفساد والذي استشرى في كل مفاصل الدولة متجاوزا حدود المعقول، سياسيين لا يعرفون من السياسة غير اسمها، ركبوا صهوة المناصب، ومسكوا بخيوط الأمر والنهي، وتلاعبوا بمقدرات الشعب المغلوب على أمره، وديدان وسخة خرجت من قلب الفساد تسللت تحت جنح الظلام إلى أجهزة الدولة، فانقلبت إلى حيتان راحت تبتلع ثروات البلاد، وشخصيات ملتوية نمت وترعرعت في مستنقعات الفساد، فخرجت تلعلع وتجعجع محتمية بالصدفة العمياء التي قادتهم إلى ما هم عليه، ومع استمرار هذا الفساد الأسود، ظلّ المواطن مهزوماً في عقر داره، لا يملك غير وسيلة السعي للحصول على تأشيرة اللجوء إلى دولة أخرى لا يعرفها ولا تعرفه، لعله يجد فيها الأمن والأمان والاحترام، بعدما ضاقت سبل العيش أمامه في وطن الآباء والأجداد.
إنّ الذين يتباكون على ما حصل في المؤسسة العسكرية من تغيير، عليهم أن ينظروا إلى ما أنتجه الفساد من هزائم وانكسارات ضربت المجتمع العراقي بالصميم، وسددت سهامها نحو قلب الحياة العراقية، ومن يريد للعراق النهوض والعافية عليه أن يحشد كل الطاقات لمطاردة فلول الفاسدين أينما وجدوا، وأن يساهم في ردم بؤر الفساد أينما وجدت، عندها سيجد وطنا خاليا من كل مظاهر الزيف والدجل والنفاق، وشعباً معافى قادراً على النهوض بمهماته الوطنية، وحياة لا يرى فيها فلول الفاسدين والمفسدين تسرح وتمرح دون أن يحاسبهم أحد..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً