اراء و أفكـار

ما بعد انكسار «داعش»

عمران العبيدي*

اولى لحظات الانكسار الداعشي كانت عند بوابة جرف النصر، فهذه المنطقة التي شكلت التباسا عسكريا ولفترة طويلة بسبب موقعها الجغرافي الذي يحاذي محافظتين من منطقة الفرات الاوسط (بابل – كربلاء) والذي يمتد الى المنطقة الغربية من منطقة عامرية الفلوجة.

اي انها تشكل خطا لحركة المجاميع الارهابية وبسهولة، مستغلة نوع المنطقة من ناحية مساحة البساتين التي شكلت ملاذا للمجاميع الارهابية ومستعينة بخلاياها الارهابية التي سيطرت عليها لفترة طويلة، ولا شك ان اهمية جرف النصر جعلت من هزيمة “داعش” فيها بداية لمرحلة انكسارات، لذلك ومن هذا الباب ليس مستغربا ما يحصل لـ”داعش” اليوم من تقهقر واضح في قضاء بيجي الذي استعصى سابقا ايضا على القوات الامنية ولفترة طويلة.
الانكسارات في ظروف تنظيم “داعش” الارهابي اليوم ستقود الى المزيد منها وفي وقت سيكون قصيرا، ولكن الاهم من النصر هنا هو كيفية التعاطي مع مرحلة مقبلة سيلتبس فيها الامر على من سيتولى امر هذه المناطق والقدرة على وضع المؤشرات الواضحة ازاء مجاميع ارهابية قد تتمكن من التسلل من جديد تحت يافطة ظلم “داعش” لهم.
على الارجح انها مهمة ليست يسيرة، اذ ان تسلل هذا النوع وارد وهو ماقد يثير الكثير من المشكلات ما يعني اننا بحاجة الى منظومة استخباراتية تخرج هذه الادران من جسد المدن.
ان مرحلة مابعد الخلاص من “داعش” ذات شجون كثيرة ومن المتوقع ان يثار على طاولة البحث نوع العلاقة الرابطة بين الحكومة الاتحادية وهذه المحافظات وتلك وحدها بحاجة الى كثير من التأني وعدم الانسياق وراء العواطف بل الاخذ بالامور باتجاه مايصلح وما لايصلح بل الاهم هو ترتيب الامر وفقا للمنطق القانوني الدستوري والاجابة على السؤال الآتي: هل ان ما يتم الاتفاق عليه هو ضمن الحلول المتيسرة ام انه باب لمزيد من الخلافات؟.
يجب حساب الاشياء بدقة وفرز ما للمحافظات من صلاحيات وما للحكومة الاتحادية من صلاحيات دستوريا وقانونيا والاستفادة من تجارب العالم في هذا النطاق وبحث ضرورات عدم تشابك الخطوط فيلتبس عند ذاك خط الشروع لكل جهة دون ان تتقاطع مع الآخر فتثير حينها الكثير من الغبار في اجواء تلك العلاقة، فحتى الآن لا يزال البعض لا يعرف صلاحياته، وهذا الامر هو الاكثر خطورة بعد الخلاص من “داعش”.
ان اقطاب السياسة العراقية بحاجة الى ان يكونوا مكملين لبعضهم لا متقاطعين فالعلاقة التكاملية علاقة تنموية ايجابية وعكسها علاقة التجاذب والاختلاف.
مابعد “داعش” يكون العراق قد خرج من تجربة مكلفة لكنها لا تخلو من فوائد ان احسنا استيعاب العبر وتبويب علاقاتنا مع الاقطاب العالمية التي لها طموحاتها الخاصة ولها اصابعها المؤثرة سلبا وايجابا في العراق والتي من الواجب ان نرتبها بما ينفعنا ونديرها وفقا لقدراتنا وخصوصيتنا وعدم السير عكس التيار فقد يكون التيار مهلكا.
المهم في الامر هو أن يكون الميزان الذي نزن فيه مصالحنا نابعا من قدرتنا على ان يكون ميزاننا حساسا كميزان الذهب كي لا نصاب بالخسائر، وأن نحسب علاقاتنا الداخلية والخارجية بشكل يضمن حماية ارضنا من الهزات السياسية والعسكرية، فلنا محيط مختلف الامزجة والاهداف، وهنالك اميركا ومصالحها وبصمتها التي لا يمكن تجاوزها.
هذه الامور هي اشارات عامة لكنها ليست خافية على السياسيين وهم في قلب السفينة المبحرة وسط اجواء متقلبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً