اراء و أفكـار

“داعش” والإرهاب العابر للحدود

يونس السيد*

هل بدأ تنظيم “داعش” الإرهابي يخطط للانتشار والتمدد في العالم استناداً إلى قوته المتنامية وسيطرته على مناطق واسعة في أنحاء مختلفة من سوريا والعراق؟
كان العنوان الأبرز لتمدد “داعش” في الساحة الدولية، خلال الفترة الماضية، هو وجود جهات وخلايا مبعثرة في أنحاء مختلفة من أوروبا وحتى في أمريكا وكندا وأستراليا، اقتصرت مهمتها بالدرجة الأولى، على تقديم الدعم اللوجستي، وتجنيد الإرهابيين وإرسالهم إلى مناطق القتال في سوريا والعراق . بعض المصادر تحدثت عن انضمام آلاف الإرهابيين من نحو 80 بلداً إلى صفوف التنظيم، ولكن هذا الانتشار لم يأخذ الاهتمام الكافي، في البداية، بل قوبل بنوع من غض النظر من جانب العديد من الدول التي كانت ترى في إسقاط النظام السوري مبرراً لذلك، والتي قللت إلى حد كبير من خطورة ارتداد الإرهاب إلى عقر دارها .
غير أن تنامي قوة هذا التنظيم، وظهور مؤشرات كثيرة على وجود منظم وقواعد ارتكاز ومعسكرات تدريب له في بعض الدول، مثل باكستان وأفغانستان واوزبكستان وغيرها، بدأ يثير قلقاً عالمياً متزامناً مع القلق الناجم عن عدم قدرة التحالف الدولي الذي تشكل لمحاربته، على وقفه حتى الآن . ففي أفغانستان، على سبيل المثال، وزعت منشورات تدعو للانضمام إلى التنظيم في مختلف المدن، وظهرت شعاراته في جامعة كابول واعتقل عدد من الطلاب على هذه الخلفية . وأشير إلى وجود معسكر للتدريب في ولاية كونار الشمالية يضم مئات المقاتلين بينهم مقاتلون من “داعش” والقاعدة والحركة الإسلامية في أوزبكستان، كما أشير إلى انتشار وتسهيلات لهذا التنظيم في أكثر من 30 ولاية تركية تحت سمع وبصر الحكومة .
وما بات يقلق أكثر هو هذا السباق المحموم بين “داعش” والقاعدة، والذي وصل إلى حد الاقتتال الدموي مع “جبهة النصرة” (فرع القاعدة في سوريا) لتسيد الإرهاب العالمي، على الرغم من أن الجانبين وجهان لعملة واحدة، حيث ولد “داعش” من رحم القاعدة، لكنه تفوق عليها في التطرف والإجرام وعمليات الذبح والإعدام والقتل الجماعي . ولعل المفارقة في هذا السباق، تبدو أكثر وضوحاً مع إعلان خمسة من قادة طالبان باكستان وثلاثة من قادة طالبان أفغانستان مبايعتهم لزعيم “داعش” أبو بكر البغدادي، وكذلك في المبايعات المتعددة التي ظهرت لفروع القاعدة في المنطقة العربية لهذا التنظيم الاجرامي، إذ على الرغم من أن كلا التنظيمين الإرهابيين يزعم تبني “دولة الخلافة” إلا أنهما يختلفان إلى حد التناحر حول هوية “الخليفة” ما يبقي على الصراع محتدماً بين الجانبين . ويرى كثير من المراقبين أن الفساد وغياب العدالة الاجتماعية لدى كثير من الدول، والحاجة إلى خطاب بديل، كلها عوامل بدأت تغوي فئات من الشباب ممن يجدون في خطاب “داعش” مصدر إلهام لهم .
ربما تكون التهديدات التي أطلقها هذا التنظيم الإرهابي قد أيقظت التحالف الدولي، وإن متأخراً، على حجم المخاطر المستقبلية، لكن ذلك لن يعفيه أبداً من مسؤولية التلكؤ والتباطؤ في مواجهته منذ البداية، قبل أن يستفحل خطره، ويضطر التحالف إلى وضع استراتيجية لمحاربته على مدى 30 عاماً حتى يتمكن من استئصاله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً