اراء و أفكـار

داعش.. كيف أصبحت مركز المحاربين من العالم؟!

يوسف الكويليت*

ما هو سرّ انجذاب هذه الأعداد الهائلة لداعش، ومن مختلف الجنسيات العالمية، والتي بعضها لا يفهم أو يفقه في الدين الإسلامي، حتى بعض السور القصيرة للقرآن الكريم أو الأحاديث النبوية؟ هل هي المغامرة التي تقود التجنيد الطوعي للمرتزقة الذين يحاربون في مختلف بقاع العالم، إما لأسباب مادية أو البحث عن عالم جديد يكسر العلاقة المتوترة في المجتمعات الحضارية، أو أن التهميش الذي يعيشونه حتى في أوساط حضارية تتيح الحريات، والمغامرات باتجاه تحقيق الذات، إما بالصعود للمناصب أو النجومية.

أو الكسب المادي، أم أن هناك فراغاً روحياً وإنسانياً يستدعي البحث عن عالم آخر حتى لو أدى ذلك للموت، وكيف تنخرط في هذه الحروب جماعات متخلفة هدفها الموت فقط، وهي من الأمور المحيرة حتى لأكبر دارسي علم النفس والتحولات الاجتماعية والبشرية؟

بالنسبة للمسلم المغريات كبيرة، فمبدأ الجهاد جزء من العقيدة الإسلامية وإن كان يراه بعض الفقهاء فرض كفاية، فيما آخرون يرونه غير ملزم، لكن أمام الأحداث التي تجري في المنطقة جاء من يقرأ العدو من خلال ضرورة فريضة الجهاد، لأن الدول والمجتمعات استسلمت للعدو الكافر، وأن حق الجهاد هو الرادع لتحقيق مبدأ الانتصار، غير أن السلسلة الطويلة من الفتاوى وسرعة انتشارها والضغوط التي واجهت الشباب الإسلامي خلقت البحث عن طريق جديد لتحرير أمته، وهنا وجدت قيادات التنظيمات الإسلامية وقواعدها المختلفة، أن ربط الجهاد بالجنة الخالدة والحور العين والاستشهاد في سبيل الله من أجل عمل عظيم، يبدأ بمداعبة أفكار وعقول الشباب، وهم يختلفون عن غيرهم من الجنسيات الأخرى وخاصة غير المسلمين، والذين لديهم تفسير خاص بأن الحرب مع المجموعات والشعوب المضطهدة تفرض التآخي الإنساني والكفاح العادل، وهو ما قامت به الشيوعية حين استقطبت أعداداً هائلة دارت في فلك أفكار عدالتها الاجتماعية، وإعلان الحرب على الامبريالية والاستعمار لتحقيق الاشتراكية العالمية، وقد انبثق عنها جماعات إرهابية مثل الألوية الحمراء (وبادر – ماينهوف) وغيرهما والتي قتلت وخطفت طائرات، وحاربت في صفوف اليسار العالمي من مبدأ الانتصار لأيدلوجيتهم..

نحن أمام ظواهر إرهابية جاذبة، ومثلما حارب مسلمون وغير مسلمين في حركات التحرر من الاستعمار، نجد أن طالبان والقاعدة، كانتا مركز استقطاب هائل، والأمر يجري مع داعش التي لا تختلف عن نمط وتفكير الحركات والجماعات التي سبقتها، سواء تنظيم الإخوان المسلمين، أو من خلفه من تنظيمات أخرى تطرح نفس أيدلوجيا العنف من خلال جماعات التكفير والهجرة، أو ما توالد عنها وأخذ تسميات تعطي نفس التوجه في المضمون والهدف..

المظهر الديني هو الأساس في نشوء وارتقاء هذه الجماعات الإرهابية، لكن هل يمكن فصل السياسي عن الديني ودور (لعبة الأمم) في هذا التوجه والأهداف، وما معنى أن نجد دولاً تحارب هذه الجماعات وأخرى تدعمها، وهي حليفة لمن يحاربونها وما يقولون عن الإرهاب والتطرف، ثم في الداخل العراقي والسوري، لا نجد داعش مثلاً تحارب النظامين أو رعاية إيران لهما، والمحاربة في صفوف المالكي في العراق، وبشار الأسد في سورية، وهذا الخلط في السلوكيات والانتماءات لا يحير المراقب عربياً كان، أو غير عربي أو مسلماً فحسب، لأن ما يدور يفوق عقل المحلل والمفكر طالما الكل يحارب، والجميع لا يقبلون المصالحات أو حتى إيقاف نزيف الدم والقتل على الهوية والهوى..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً