اراء و أفكـار

في الأدب الهاشمي

رباح ال جعفر*

إذا كان ديوان الشعر أصدق فِي حكمه من شهود التاريخ إذا اختلف الحكمان، فلقد سجّل لنا شعراء العرب قصائد في الأدب الهاشمي، ما زالت تسترجع صداها من الألف الغابرة، ويتردّد إيقاعها في الألف الآتية. حتى أن كلّ قصيدة منها تستطيع أن تحكي قصة من الوجدان الإنساني.

وقف الشاعر العجيب دعبل الخزاعي، وقلبه يتصدّع من لوعة وأسى، وعيناه تشرقان بالدموع، يهزّ أوتار النفوس بأمثال هذه الأبيات في آل البيت:
مـدارس آيات خلـت من تلاوة..
ومنزل وحـي مقفـر العرصاتِ
لآل رسـول الله بالخيف من منى..
وبالركن والتعـريف والحجــراتِ
ديار علـيّ، والحسـين، وجعفـر..
وحمـزة، والسـجّاد ذي الثـفناتِ
وإذا كنا في هذه الأيام نستذكر استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه، فلأنها صفحة في البطولة لا تماثلها صفحة، ولأن الخلود صفقة بغير ثمن. أما الذين يطلبون الدنيا ولا يطلبون الله، فإنهم يقبضون أجورهم ولا يخلدون. ولأن جراحه العزيزة فتحت ملايين الجراحات في الصدور، ومن قداستها أن جميع الأطباء، والحكماء، والأساة، على وجه هذه الأرض وظهرانيها عجزوا أن تندمل.
كان الإمام الحسين في حياته أكبر من الحياة، وفي موته أكبر من الموت.. وسيبقى يوم الطف في كلّ زاوية من زوايا الكرة الأرضيّة صرخة ينادي بها كلّ طالب إنصاف:
وإن الألى بالطف من آل هاشم..
تأسّوا .. فسنّوا للكرامِ التأسّيا
لم يستشهد الإمام الحسين من أجل عرش موعود، فمثله لا تغريه المراتب والمناصب والتيجان المرصّعة بالذهب. وليس من السهل على مخلوق أن يُقدّم رأسه قرباناً من أجل سلطة زائفة.. إنما كانت ثورته احتجاجاً على اعوجاج كان لا بُدّ أن يستقيم، وكان يدرك وقطرات الدم القاني ترسم إلى العلياء طريقه، أنه سيلقى في المعركة الأليمة مصرعه، وأن الرحاب القدسيّ أخلد وأبقى.
وفي الأرض ميزانان: ميزان للعدل والإنصاف، وميزان للظلم والإجحاف.. فإذا قام الميزانان، فإن العدل أربح من الظلم. فما سرّ هذه القداسة في دماء تحيي الأرض الموات بالأزاهير، وتبحث عن أتباع يتّخذون منها سيفاً يحميهم من جلاديهم؟
نستذكر استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، فنتحلّق حول اسمه، ونقف عند مآثره.. وترانا مع كل صيحة آذان في بيوت الله، وفرض طاعة، وإقامة صلاة، وعقب كل تكبيرة، نمجّد من خلاله جميع الشهداء، والأبطال، والثائرين.
فالسلام عليك، يا ابن عليّ العظماء، كلما تمنى الصابرون أن يشدّوا أرواحهم إلى روحك في ساعات المحنة، فصاروا يتذكرونك كلما تبللت القلوب قبل المآقي بمطر الأحزان..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً