اراء و أفكـار

شرعنة التقسيم!

احمد صبري*
يكادُ يكون جميع القائمين على الحكم في العراق منذ غزوه واحتلاله يجمعون على اهمية الحفاظ على العراق موحدا ارضا وشعبا ويصرحون بالعلن رفضهم المساس بوحدته وأية محاولة لتقسيمه على اساس العرق او الطائفة.
وهذه (القوانة) التي يرددها سياسيو العراق اصبحت مشروخة من فرط تكرارها على أسماع الجمهور إلا ان العارفين ببواطن الأمر واتجاهاتها يرصدون مسار الأحداث على الارض لاسيما بعد الواقع الجديد الذي دخل في متاهاته العراق في التاسع من حزيران الماضي بخروج الموصل وتكريت واجزاء اخرى عن سيطرة القوات العراقية.
فالواقع الجديد الذي يعيشه العراق بعد ان اطلق البعض عليه نكسة حزيران العراقية افاق العالم من غفوته ووضعه امام مشهد جديد.
والواقع الذي نتحدث عنه هو تمدد داعش في شمال العراق وسوريا واعلانه دولة الخلافة استنفر العالم من هول ما جرى على الارض بانهيار الدفاعات العراقية في مشهد سيبقى في الذاكرة من فرط ما احدثه من مفاجأة على جميع الاصعدة.
ورب ضارة نافعة كما يقولون، فما جرى في التاسع من حزيران وما تلاه من تحشيد دولي لمواجهة خطر داعش في محاولة لوقف مخاطره وامتداده الى مناطق اخرى فتح شهية قوى واطراف سياسية وعشائرية للمطالبة بتشكيل جيوش رديفة في محافظاتها او تشكيل حرس وطني كما اقترحه رئيس الوزراء حيدر العبادي كعامل مساعد للقوات العراقية في تأمين الاستقرار ومواجهة الاخطار التي تهدد المدن المقصودة.
وحتى تأخذ هذه المقترحات مدياتها فإن اسباب اللجوء الى خيار تشكيل قوات سائدة من ابناء المحافظات التي تشهد اعمالا عسكرية هي لمنع اي اختراق لحدودها ووقف تكرار التداعي للقوات الحكومية في مهماتها القتالية وبالتالي إناطه مسؤولية الحفاظ على الامن فيها الى ابنائها الذين ينخرطون في تشكيلات الحرس الوطني.وقانون تشكيل الحرس الوطني المقترح يشير الى ان مهمة تدريب وتأهيل تشكيلات الحرس في المحافظات تناط بضباط الجيش العراقي السابق والاستفادة منه ليس بالتدريب فقط وانما انضمامهم الى الجيش الرديف.
وليس غريبا عن المتابعين لهذا المنحى الحكومي ولبعض الاطراف السياسية انه سيؤدي الى انفراط عقد الشراكة بين المركز والمحافظات واختلال التوازن في موازين القوى على الارض بعد ان تصبح المحافظة او الاقليم المحتمل على شاكلة تجربة اقليم كردستان ما يضع المركز في مأزق ازاء التعاطي مع طموحات الداعين الى تطوير التجربة بعد ان يصبح لهم جيش وميزانية وغطاء حكومي الأمر الذي سيشرعن التوجه نحو التقسيم الذي كان الجميع يرفض الحديث عنه وعن مخاطره على وحدة العراق.واستنادا الى ما تقدم فإن الحل بتقديرنا يكمن في اعادة هيكلة الجيش العراقي من جديد وفق رؤية وطنية تعيد للعقيدة العسكرية هيبتها بإخراج الطارئين الذين تسللوا الى صفوفه وتطهيره من الفاسدين والمرتشين والمتخاذلين وقبل ذلك ابعاده عن نظام المحاصصة الطائفية الذي دمر العراق واهدر ثروته ليصبح جيشا ولاؤه للوطن وليس للطائفة او الحزب.
والجيش الذي نتحدث عنه سيكون بمقدوره ان يحافظ على وحدة العراق ويدافع عن حدوده ويحمي السلم الاهلي ويمنع تغول الخارجين عن القانون وقبل ذلك يمنع دعوات التقسيم بعد ان يتحول الى ضمانة للوحدة والشراكة بين المكونات العراقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً