اراء و أفكـار

الأجهزة في الطريق!!

عبد الامير المجر*

يقول المثل الشعبي المتداول في الجنوب.. (خلصت العركة وهو يتحزّم)!! ولهذا المثل حكاية، ربما تكون حقيقية، لكني اعتقد ان المثل أطلقه احدهم ليقارب به تصرف البعض، ممن هم قليلو الهمة والمترددون وربما غير الشجعان، اثناء المعارك التي كثيرا ما تحصل في الريف، والحكاية تقول، ان معركة عشائرية حصلت بين عشيرتين، وقد هب الرجال، كلاً الى سلاحه.

وتخندقوا قبل ان يبدأ القتال الذي استمر طويلا، حتى تدخلت العشائر الاخرى واوقفته، باستثناء رجل من احدى العشيرتين المتقاتلتين، حيث كان هذا وبعد ان علا صراخ النسوة المرافق لاصوات الرجال الغاضبين، الذي ارهص للمعركة المسبوقة بمشادة كلامية بين الطرفين، عادة، وسارع الجميع لاخراج اسلحتهم من البيوت، وتحزموا بالرصاص، كان صاحبنا موضوع المثل، يهيئ سلاحه ويتحزّم، او بدا كذلك، وايضا مثل بقية الرجال، يصرخ بغضب مهددا العشيرة الاخرى ومتوعدا، لكن المعركة بدأت والرصاص صار يلعلع وحمي الوطيس، وهو مازال في بيته يتحزم بالرصاص ويهيئ بندقيته! حتى انتهت المعركة وعلا بعدها عويل النساء وبكاء الرجال على القتلى، بصمت وجهاراً، والمصحوب عادة بالوعيد والانتقام! وبطلنا الهمام لم يكمل جهوزيته للقتال، او يتحزّم، ليذهب فعله هذا مثلا.
مؤخرا، اعلنت وزارة الداخلية العراقية، ان اجهزة حديثة لكشف المتفجرات والمخدرات، ستصل العراق قريبا!! والخبر ليس نكتة او أحجية جديدة من أحاجي العملية السياسية وتنويعاتها الغريبة، وانما هو حقيقة، اطلقها كبار المسؤولين في الوزارة، وهو بمثابة بشرى، موجهة لنا، نحن الذين مازلنا على قيد العراق والحياة فيه، ولا يقصد استفزاز اهالي الضحايا من الشهداء والمعاقين من جراء الاعمال الارهابية للسنوات الماضية، بل لإخافة (داعش) واخواتها، وبث الطمأنينة في نفوس العراقيين، بأن الدولة العراقية ستغدو اكثر قوة، وسيكون الشعب بالضرورة اكثر أمنا، بعد وصول الاجهزة هذه، والتي لا نعرف، هل هي اختراع جديد أنتجته مصانع العالم المتقدم مؤخرا، ام انه انتاج قديم مضت على صنعه عقود من الزمن كما كنا نسمع، ولم يصلنا، بسبب عدم توافق الكتل السياسية؟ وهل جلب هذه الاجهزة له علاقة بالانفراج السياسي المتمثل بتشكيل الحكومة، ام ان وزارة الداخلية انتبهت اخيرا الى ان الحل يتمثل بجلب هذه الاجهزة الموجودة في دول العالم المتقدم، بعد ان اكتشفت ان اثمانها مناسبة ولا تكلف الدولة الكثير، ولم تؤثر على الموازنة وتخلق لنا عجزا يتسبب في توقف المشاريع العملاقة التي تتوزع البلاد؟ لا ندري، لكن يبقى الاهم من كل هذا، هل ان الاموال التي ستصرف على هذه الاجهزة، تساوي اثمان العراقيين المتبقين الذين ستحميهم من الانتحاريين والمفخخات وغيرها؟! واذا كانت الاثمان مناسبة لأسعارنا ولا تؤثر على موازنة الدولة، فنعتقد ان الوقت بات مناسبا، ووزارتنا انهت تحزّمها ودخلت (العركة) مبكراً!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً