اراء و أفكـار

بورصة المناصب!

احمد الجنديل*

تجارة الركض وراء المناصب، وما رافقها من فساد في الذمم، وخيانة للشعب، وما تمخض عنها من تهميش المشروع الوطني وخضوعه لسطوة هذه التجارة الرائجة.

التي جعلت جميع الكتل تدخل الى بورصة المناصب بكل طاقاتها وما ملكت أيديها وجيوبها، لكي تستحوذ على خيرات العباد والبلاد لخدمة أغراضها التي لا تمت بصلة الى الشعب ولا الى تطلعاته في الحصول على رغيف الخبز والأمان.

الاجتماعات المغلقة والمفتوحة، ولعبة الغميضة السياسية، وجر الحبل، ولّي الذراع، جعل قادة كل الوان المشهد السياسي التي يدير سفينة هذه التجارة، على أبواب الطلاق الدائم الذي لا رجعة فيه بين الشعب الذي أثخنته جراح الطائفية، ومزقته حراب الفتن، وعانى ما عانى من المحن، وبين فرسان اللعبة السياسية الذين لا هم لهم سوى الثراء الفاحش والنهب السريع حتى لو جاء عن طريق الشيطان الرجيم، أو وفق المنهج الزنيم. ومع زفاف المحروسة الحكومة الجديدة، ودخولها بيت الزوجية السعيد، صرخنا جميعا: (يا قريب الفرج)، ومع فرحة العرس، خرج من خرج يجّر أذيال خيبته، ودخل من دخل وقد ارتدى ذيل الطاووس. وبين التفاؤل بفتح صفحة جديدة، ويكون الماضي للماضي، والتشاؤم الذي منبعه الاعتقاد الراسخ بأن ابن آوى سيظل ابن آوى حتى لو ألبسته ذهباً، وخلعت عليه كل ألقاب النزاهة والعفـّة والأمانة، مع هذا التلاقح الهجين، خرج علينا السيد جون كيري بتصريحاته التي يعلن فيها عن نيّة أمريكا اعادة هيكلة الجيش وتسليحه وتدريبه والاشراف عليه، وبدأ موج الخيبة يطفئ شعلة التفاؤل، فاذا كانت حكومة السيد كيري من تقوم بكل هذه المهمات، فلماذا هذا التكالب على هذا المنصب السيادي ما دام القائم عليه لا يشرف، ولا يسلح، ولا يدرّب؟! ولماذا لا يكون السيد جون كيري وزيراً لدفاع دولة العراق اضافة الى منصبه كوزير خارجية امريكا، ما دامت المفاتيح جميعها بين يديه؟ واذا كانت امريكا، تدير أمور العراق، فلماذا كل هذه الشعارات الملونة البراقة التي تتغنى باستقلال العراق وسيادته، على شعب يدفع فاتورة دمه كل يوم من أجل لعبة لا ناقة له فيها ولا جمل؟ لنطالب جميعا بتولي السيد كيري منصب وزير الدفاع، ولنحشد كل القوى والفعاليات من اجل انجاح هذا المشروع الوطني الشريف، متذرعين الى الباري أن يحفظه من كل مكروه، وأن يسدد خطاه لما فيه الخير لهذا الشعب الصبور المظلوم، وأن نصلي جميعاً من أجل أن يكون قلبه أكثر رحمة من قلوب ساستنا، ممن وضعوا خارطة الفسيفساء العراقية، وألوان الطيف العراقي، وقوس قزح، وغيرها من المضحكات المهلكات. وأن يجعل يده أقصر من أيدي فرسان الشعارات النارية التي امتدت أياديهم النظيفة الى جيوب الأرامل والأيتام. وحسبنا الله ونعم الوكيل. الى اللقاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً