اراء و أفكـار

مبررات التشاؤم الشعبي تجاه الحكومة الجديدة

غازي المشعل*

حتى قبل اعلان التشكيلة الحكومية العراقية الجديدة؛ وبعد اعلانها ناقصة ما انفكت التحليلات والتعليقات الشعبية وحتى النخبوية.

سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي او من خلال اجهزة الاعلام والقنوات التلفزيونية خاصة تبدي تشاؤمها وعدم ارتياحها تجاه الاسماء التي حوتها الخلطة الوزارية التي ستقود البلد لاربع سنوات قابلة
اقل المتشائمين او المعترضين اكدوا ان الحكومة الجديدة جاءت على الضد من رغبة المرجعيات الدينية او الارادة الشعبية بكسر قاعدة المحاصصة المقيتة التي ارسى عراب الاحتلال بول بريمر دعائمها فاصبحت سنّة ولو باسماء التوافق او الشراكة الوطنية او التوازن ..واذا بها تكرس وتشرعن المحاصصة وتجعلها امراً واقعاً لا مفر منه وتؤسس لبناء مستقبلي يعتمد على وضع الشخص غير المناسب في المكان الذي لا يستحق من اجل ارضاء حزبه او طائفته او منطقته وهذا اولاً.
وثانيا ان الوعود التي اطلقها رئيس الوزراء قبل تكليفه باختيار عناصر وزارته من المهنيين او النزيهين والاكفاء او الوجوه الجديدة قد تبخرت بعد ان نشرت مواقع التواصل الاجتماعي نتفاً من الغسيل الوسخ والسير الذاتية لبعض المرشحين للمناصب الوزارية ؛ اضافة الى ان البعض منهم لا يحمل اية شهادة جامعية او يحمل واحدة تحوم حولها الشكوك
وثالثة الاثافي هي ان الحكومة ولدت ناقصة كسابقتها حيث لم يسم حتى الان وزراء الداخلية والدفاع والموارد المائية وهذا يشير بوضوح الى ازمة انعدام الثقة بين الاطراف السياسية كما يشير الى تأرجح المنصب حتى يرسو الى القوي سواء بالقوة او بالوسائل الاخرى في نفس الوقت الذي يثير المخاوف والهواجس من ان تطول مدة تسمية الوزراء الامنيين الى ما لا نهاية ؛ ولذلك ما يبرره والحكومة السابقة اقرب وافضل دليل وبرهان حيث ادار السيد رئيس الوزراء السابق المنصبين وغيرهما بالوكالة حتى يومه الاخير
والرابعة هي ان رئيس الوزراء المكلف خالف ما صرح به هو او بعض الكتل السياسية من ان الوزارة الجديدة ستكون مختصرة ورشيقة واذا بها مترهلة وموسعة كسابقتها وربما اكثر مما يعني ان المجاملات والتوافقات السرّية وارضاء الاطراف هو الذي حكم في النهاية امر هذا العدد الكبير من الوزراء الذين احتفظ بعضهم بموقع وزاري اضافة الى ان نفس المجاملات طلعت على العراقيين بنكتة اخرى هي استحداث منصب نائب ثالث لكل من رئيسي الجمهورية والوزراء تكريساً للطائفية والمناطقية والمحاصصة التي اصبحت سمة العمل السياسي في العراق بعد العام الفين وثلاثة ومع ذلك فالكل يدعي المعاناة من التهميش والاقصاء والاجتثاث والابعاد
كما ان التشكيلة الوزارة الجديدة جاءت ذكورية الا من وزيرة واحدة فقط وكأن البلد خال من اية كفاءة نسوية تستطيع النهوض باعباء وزارة وذلك انتهاك واضح وقرصنة في وضح النهار والتفاف على مواد الدستور الذي اوجب اختيار ربع المجالس التنفيذية والتشريعية من النساء الا اذا كان السياسيون ( يستحرمون ) او سيتنكفون دخول النساء الى الكابينة الوزارية باعتبارها ( عورة ) وتلك مصيبة ادهى وامر
ومن الامور الاخرى التي غسل العراقيون ايديهم الى المرافق منها هو موضوع الخدمات التي ظلت تراوح في مكانها طيلة السنوات الاثنتي عشرة الماضية رغم صرف المليارات التي تعادل ميزانية نصف دول العالم الفقيرة مجتمعة ورغم الوعود التي اطلقتها الحكومات الاربع الفائتة الا ان شيئا على ارض الواقع لم يتحقق في حين ان باقي دول العالم تخطط للسكن والزراعة في القمر او المريخ وتستعد لتوليد الطاقة من النباتات او فضلات الحيوانات او هدير الامواج وورق الاشجار او نسمات الهواء ..ويتدول العراقيون النكات السوداء حول المائة يوم من الخدمات او التصريحات النارية الفارغة حول جودة الخدمات وافضليتها عن دبي ونيويورك او مقاديشو ناهيك عن ان البلد بلا موازنة مالية منذ بدء العام الحالي وحتى الان وما يسببه ذلك من شلل سواء على صعيد الخدمات او المشاريع او المزاج النفسي العام للشعب العراقي .
وختام مبررات التشاؤم هو ان ثلث البلد الان خارج عن نطاق سيطرة الدولة والحكومة وتحت حكم قوى الارهاب الاعمى عابر الحدود ؛ وربعه اقليم مستقل ياخذ من البلد ولا يعطي للعراق شيئا واحدا والعلاقة بين المركز والاقليم لاتسر احدا وتتفاقم ولو تحت الرماد لان الخلافات تعدت المنطق والحقوق والالتزامات والمادة المئة والاربعين والدستور وتصدير النفط واصبحت الان على المحك في ظل سقف المطالب التي ترتفع كل يوم من كل الاطراف.
كل هذه الاسباب والتبريرات وغيرها الكثير تعصف بالرؤية المستقبلية والبرامج الواقعية للسيد حيدر العبادي وتحد من الدعم الشعبي المطلوب لحكومته ..وانا احد الناس الذين يدعون دائما الى تطييب خاطر الفرد العراقي بالصدق معه وتطمينه والعمل من اجله بعد ان صبر وضحى واعطى وتحمل ما لم يتحمله اي شعب في العالم في نفس الوقت الذي ادعو فيه الى ان نعطي الفرصة كاملة الى السيد العبادي ووزارته لفترة مناسبة لا تزيد عن الاشهر الستة ؛ وبعدها فالشعب حر ومجبر على ان يفعل ما يراه مناسباً بسياسيين فضلوا مصالحم ومناصبهم فقط على صبره وتحمله ومعاناته والامه واماله الحالية والمستقبلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً