اراء و أفكـار

خطوة مهمة للغاية

علي فهد ياسين*

التوجيه، الذي أصدره رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي بمنع تعليق صور رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، على الأبنية الحكومية ومؤسسات الدولة والمقرات ونقاط التفتيش الأمنية والعسكرية، يعتبر الأول من نوعه منذ تأسيس الدولة العراقية، وسيحسب للرجل.

حتى بعد مغادرته لموقعه الرسمي، شرط أن تتم متابعة تنفيذه بحزم وبقوة القانون، وبإمكانه أن يزيد من أهمية هذا التوجيه ومردوداته المختلفة، بما فيها الاقتصادية في هذه المرحلة المهمة من تأريخ العراق، إذا طوره ليشمل منع رفع صور أية شخصية عامة أو رسمية في جميع مؤسسات الدولة العراقية، ودعا الى اعتماده كقانون يقدم الى مجلس النواب لمناقشته في جلسة علنية تمهيداً لإقراره.

أهمية هذا الأمر تأتي من خلال النتائج الوخيمة، التي تسببت بها (غابات) الصور والجداريات، التي أغرقت الشارع العراقي بألوانها وحجومها وغاياتها وشعاراتها التي قسمت العراقيين واستخدمت من الأطراف المتصارعة بأبشع اساليب الاستخدام للوصول الى غايات ليس للشعب فيها ناقة ولا جمل، لكن هذا الشعب تحمل نتائجها ولا زال منذ سقوط الدكتاتورية، ولم تسهم هذه الجداريات والصور بأي تأثير ايجابي في اعادة الامن، ولم ير الشعب البناء الذي وعد به في برامج الاحزاب، التي تحولت الى حبر على اوراق، حالها حال خطبهم الرنانة ومؤتمراتهم الفاشلة؛ ناهيك عن الشعور الذي يعصف بنفوس العراقيين من تكرار نفس اسلوب الجلاد السابق، الذي كانت صوره وجدارياته تواجههم في كل مكان وزمان، وتلاحقهم حتى الى المقابر.

لقد كان السقوط المدوي لتمثال الدكتاتور في ساحة الفردوس وآلاف المواقع الأخرى في مدن العراق فرصة لا تعوض لمنع هذا الاسلوب المستفز في تمجيد الاشخاص، لو كان الظرف أفرز انذاك قائداً وطنياً مميزاً وشجاعاً، لكن القادمين الجدد استطابوا المنهج واستمر ضحاياهم ينزفون دماً وتضيع احلامهم في الهواء الفاسد الذي لوثته الدكتاتورية، ولم تترك للشعب خياراً انسانياً على مدى اربعة عقود من القمع والتسلط والحروب وقائمة طويلة من الجرائم، التي طالت العراقيين، وأتت على مستقبل أجيال متلاحقة دون ذنب، قبل أن يستمر نفس المسلسل المرعب خلال الاحد عشر عاماً التي اعقبت سقوطها، نتيجة صراعات اطراف السلطة وهزال ادائهم .

أن تكاليف انجاز هذا الكم الهائل من الجداريات والصور تتجاوز المليارات، في الوقت الذي تشتكي الحكومة المركزية وحكومات المحافظات من الضائقة المالية الخطيرة التي يتعرض لها العراق بعد الخسائر التي تسببت بها عصابات داعش، وتكاليف المواجهة العسكرية المستمرة، اضافة الى ما تحتاجه الدولة في ملف النازحين والانشطة الحكومية العامة، وفي الوقت الذي يعيش عراقيون في احياء التنك، تكون صور القادة بثيابهم الزاهية وابتساماتهم العريضة شاهدة على الفشل العام وسوء الاداء وما نتج عن ذلك من كوارث .

على ذلك، توجيه رئيس الوزراء بحاجة الى تطوير ليشمل جميع الصور دون استثناء. وليشمل جميع مؤسسات الدولة باعتبارها لا تمثل اشخاصاً بعينهم مهما علت مقاماتهم ومراكزهم؛ فهي مؤسسات للشعب العراقي بكل ألوانه وليس لها علاقة بالأحزاب وتفرعاتها.

ومن يعتقد أن قائده (ضرورة) فليرفع له صورةً في بيته ومقر حزبه ولا يفرضه على غيره، ولا يكلف المال العام تبعات اعتقاده الشخصي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً