اراء و أفكـار

حيدر العبادي واخطاء الماضي …!

فلاح المشعل*

اعتقد غالبية العراقيين ،عقب سقوط نظام صدام ، بان السلطات الديمقراطية المقبلة على حكم البلد ،ستؤلف من نخب اختصاصية في كل الميادين ، وهكذا يمكن التغلب على الأزمات المتراكمة والتحديات المستجدة وبناء دولة مدنية ديمقراطية ينعم بها الجميع .

لكن الحقيقة التي ظهرت عبر عشر سنوات مضت ، وخمس حكومات متعاقبة ، ان الديمقراطية لاتأتي بالنخب الى الحكم ، وانما تاتي بالأحزاب والكتل والتيارات السياسية ، وتلك قاعدة في كل الديمقراطيات بالعالم .

الفارق بيننا وبين الديمقراطيات الراسخة في دول العالم الحر ، ان الاحزاب والكتل السياسية التي تفوز بالسلطة تجلب النخب التخصصية في الاقتصاد والسياسة وعلم الإجتماع وعلم النفس وغيرها من الأختصاصات التي تؤلف نسيج الحياة .
بينما يهيمن السياسي العراقي على مراكز السلطة والحكم والاختصاص ، ويتولى الوزارة او مراكز المسؤولية في استمرارية لرئاسته للمنظمة او الحزب السياسي ، بالرغم من أميته المطلقة وغربته العلمية وتخلفه المعرفي .

هذه الظاهرة التي ترسخت في دورتين لحكم المالكي وتستمر الان مع حكومة العبادي ، هي المسؤولة عن تكريس بنية الفساد الإداري ومشتقاته ، كما تكوّن بيئة طاردة للتخصص العلمي والمهني ، مما يغيب فرص النجاح والتطور في مؤسساتنا ودوائرنا ويكرس الأمية والتخلف والمحسوبية السياسية .

الديمقراطية ليست عقيمة ، لكنها تكون هكذا مع سياسيين لايملكون توجهات لبناء وطن ودولة بقدر اهتمامهم بالمكاسب الفردية والحزبية ، هذه الانانية والأفراط بالأستحواذ والإستئثار بالسلطة وامتيازاتها تشكل الهاجس لدى غالبية السياسيين العراقيين للاسف ، وتعلن عن تطرفهم في عدائيته للوطن وللآخرين في سلوكيات تقارب عقلية المعارض الأمي ، وليس رجل الدولة والبناء المنشود ،هذا الواقع الذي كرسته حكومة المالكي ينبغي ان يشهد قدرا من التغيير في الحكومة الجديدة .

دارت في ذهني هذه الافكار وانا اقرأ اسماء عدد من المستشارين في الحكومة المصرية الاخيرة وهي تضم نخبة مميزة من الأختصاصات في الأقتصاد والسياسة وعلم الإجتماع وعلم النفس وغيرها …. هؤلاء بصفة مستشارين في الرئاسة المصرية .

رؤية القائد السياسي تبقى قاصرة ان لم ترفد بعيون اضافية تشاهد بقية نواحي الحياة وتفاعلاتها ، وهنا تحتاج الأنظمة الديمقراطية ان تشدد على استقطاب النخب ورعايتها واعطائها الدور اللائق ببناء المجتمع ، وليس مطاردتها واصدار الاحكام ضدها كما حصل مع سنان الشبيبي ورحيم العكيلي وغيرهم .

أرجو ان يقرا كلامي الاخ حيدر العبادي رئيس الوزراء ويبادر لفعل شيء يضع حكومة بطريق مختلف عن سلفه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً