اراء و أفكـار

العراق..كيف يعود لأهله!

سميح المعايطة*

كل التعبيرات والمطالب السياسية التي نسمعها داخل العراق وخارجه كحلول مقترحة للأزمة العراقية لها تفسير رئيس هو أن يعود العراق إلى أهله، وأن يكون العراق لكل العراقيين، وأن يشعر كل عراقي أنه جزء من الدولة التي تحميه وتوفر له الأمان والخدمات وليس جزءاً من طائفة أو مذهب أو تحت حماية ميليشيا وتنظيم عسكري مستورد أو يتبع لجهة خارجية.
إنها الضرورة أن تكون الوطنية العراقية هي العنوان لكل العراقيين وليست ميليشياتهم أو طوائفهم، أي أن يكون تعريف المواطن بأنه عراقي وليس سنياً أو شيعياً أو كردياً أو جزءا من أدوات إيران أو مؤمنا بالحل الأمريكي أو يتلقى أمواﻻً من دولة أو تنظيم.
نسمع دعوات لتشيكل حكومة وفاق وطني، وهي دعوات إيجابية غايتها أن تكون تركيبة الحكومة العراقية ممثلة لكل مكونات الحالة العراقية، وهذا جزء من الحل الذي ربما يضمن الحد الأدنى من الهدوء السياسي، لكن تركيبة مؤسسات الدولة تمت صياغتها على أساس المحاصصة وتوزيع المقاعد بين المذاهب والقوميات، وهي أشبه بالفدرالية السياسية، وهذا لم يكن في العراق قبل الإحتلال، لكن تفكيك أي دولة يفتح الباب لإعادة البناء وفق مصالح الدول الأكثر نفوذاً.
ربما يكون ما نتحدث عنه أقرب إلى الأحلام حين نتمنى أن يعود العراق إلى أهله، أي أن يكون تعريف العراقي بهويته الوطنية وليس بمذهبه أو طائفته أو قوميته، لأن كل ماعاشه الشعب العراقي خلال أكثر من عشر سنوات كان شرذمة المجتمع، ودخلت دول وميليشيات وأموال إلى العراق لجعل الشرذمة حالة راسخة، فكان القتل والتهجير على أساس طائفي، وكان كل ما أدى في نهاية الأمر إلى ما عشناه خلال الأعوام الأخيرة.
القضية ليست عند المواطن العراقي بل لدى القوى السياسية التي عمل بعضها بروح مذهبية وطائفية وعاقبوا الناس وفق معايير الميليشيات وليس الدول، فكان الدعم أو نزع الشرعية يأتي من الخارج قبل أن يكون من الداخل.
لم يكن دخول تنظيمات التطرف من القاعدة وداعش هو المحصلة الوحيدة لشرذمة المجتمع العراقي فقد دخلته ميليشيات ذات هويات طائفية أخرى قتلت وهجرت وأعتقلت، وأحياناً كانت بعض الحكومات تحكم من خلال ميليشيات وليس بالقانون.
العراق تجربة عربية مريرة، ودرس لكل المجتمعات بأن تفكيك أي دولة سيضعها في مهب الريح وسيفتح عليها أبواب الطائفية والعنصرية والتقسيم السياسي والإجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً