اراء و أفكـار

المحاصصة باقية ولا أضعاف لها

ماجد زيدان*

حين أستمع الناس الى تصريحات السادة المسؤولين في الأحزاب والكتل بشأن تشكيل الحكومة وتأكيدها على الكفاءات والطاقات النزيهة وألابتعاد عن تكرار أسناد الوزارات لمن لم يؤد مهمته على الوجه المطلوب مثلما دعت المرجعية الدينية في النجف فأنهم شعروا بالأرتياح وسعدوا لأن المسؤولين سيستجيبون الى مطالبهم اخيرا.

مع انهم كانوا واثقين انه ليس كل مطالبهم ستجد طريقها للتنفيذ الا أن بعضاً ملموساً منها سيكون حاضرا لكي يقولوا ان تغييراً حدث لكن مع تقدم المفاوضات بين الكتل الفائزة بالمقاعد النيابية , وأقتراب المهلة الدستورية على النفاذ بدأ الشك يتسرب اليهم , بل أنهم لمسوا من خلال تصريحات ذات المسؤولين أن النهج الخاطئ والمدمر الذي حملّوه مسؤولية الاخفاق والفشل للحكومة السابقة هم سائرون عليه , والعمل على تجاوزه لا يكاد ان يلمس , وكل ما قيل في وقت سابق تبخر , وان كل الاطراف على مواقفها وأن أختلف المظهر والغلاف الوهاج الذي تغلف به مطالبهم لتخفي المحاصصة بعبارات منمقة .

اليوم , بدأت القوى تعلن صراحة , انه ليس هناك بديلاً عن المحاصصة وان اتخذت اسماء اخرى مثل استرداد الحقوق , او الاستحقاق الانتخابي بل أنها تتمسك وتتشبث بها الى درجة عميقة , ولا تلتفت الى اي أفكار تكسر هذا السد المنيع وتحطمه وتنتقل الى الفضاء الوطني الرحب .

في الحقيقة هذا واقع موضوعي لا بديل له مادامت هذه الكتل مبنية ومنظمة وتعمل على اساس المكونات المذهبية والقومية والدينية , فهي انتاج احزاب منغلقة ومقفلة لم تجد قيادتها وسيلة للأنتقال الى الفضاء العابر لهذه التكوينات , وتهدم الجدران الاسمنتية التي تحول بينها وبين ذلك , حتى قانون الاحزاب الذي عرض على مجلس النواب في دورته السابقة يراد من تأخيره أيجاد المبررات وأدخال مواد تكرس هذا الواقع المرير وأضفاء الشرعية القانونية عليه والخلاص من الحرج الذي هي فيه .

ماتزال القوى المدنية والاحزاب العابرة للولاءات ضعيفة وغير مؤثرة ولا تستطيع ان تسوس الامور الى منعطف في الحياة السياسية للبلاد وتحدث نقلة نوعية ولا حتى ان تجد لها حلفاء بين الكتل الكبيرة الذين يؤمنون بهذا المشروع لتكوين جبهة عريضة ، كل طرف من موقعه يعمل على أحداث هذا التغيير لبناء الدولة العصرية والانتهاء من حالات الاستعصاء التي تعيشها اليوم .

دولة عصرية أو مدنية هي الاساس المجرب لاعتماد مبدأ الطاقات والكفاءات ووضعها في مكانها الصحيح لعملية البناء والاعمار وأستنهاض قوى المجتمع من دون تمييز وتمايز وتفضيل الا بمقدار الكفاءات والغيرة الوطنية والايمان بالمساواة بين ابناء الشعب الواحد غير أن كل كتلة وأئتلاف يدعى ذلك , ولكنه عند تقاسم السلطات وتوزيعها يتمسك بالمحاصصة ويجد من المبررات الكثير لمطالبه ويرفض اية خطوة تحطم هذه الالية . وحتى لا يلتفت الى المبررات بعض جمهوره الذي سئم هذه الصراعات التي غييبت عنها مطامحه في بناء بلد على اساس القانون الذي لا يفرق بين هذا وذاك وانما يفاضل بين الناس على اساس التأهيل وألاداء الجيد .

لا العبادي ولا غيره سيخرج من هذه الدوامة , ولا بالكلام المنمق والادعاء , وانما بعمل رصين وأقرار قوانين تزيل أسس المحاصصة وتقتلعها حتى لو كان الامر تدريجيا وهذا ما لا يمكن تحقيقه في الحال الحاضر بهذه التركيبة والأسس التي تعمل بموجبها الاحزاب واخيرا نتمنى على جهة من المتفاوضين ان تقول نريد أقرار هذا القانون لاضعاف المحاصصة في العملية السياسية أو مدنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً