اراء و أفكـار

العراق والهم الطائفي

البيان*

يصبح ويمسي العراقيون كعادتهم على أصوات التفجيرات والمفخخات، بصورة عنيفة وبشعة ومؤلمة، ضحايا هذه التفجيرات في الغالب لا تستهدف طائفة بعينها، وإنما تستهدف نسيج المجتمع العراقي بأسره، لكن ما حدث أول من أمس باستهداف المصلين بالرصاص في إحدى دور العبادة، هو علامة فارقة هدفها خلق فتنة طائفية جديدة في العراق، الذي يكافح بكل طوائفه من أجل إنهاء جرائم تنظيم داعش وتمركزه في أرض الرافدين.

لقد بات الخطر الطائفي المحيط بالعراقيين تحدّياً وجودياً خطيراً، يهدد الشعب والوطن، ويخدم المخططات الهادفة إلى تفتيت العراق وتحويله إلى أقليات مفككة ومتناحرة طائفياً ومذهبياً، ومن ثم فإن مواجهة هذا العنف المجنون أو الحد من تأثيراته، رهن بالتقاء الأطراف السياسية وتوافقها على حل شامل للأزمة السياسية والأمنية، والقضاء على النزعة الطائفية ومواجهة التنظيمات الإرهابية في العراق، لكي يتمكن هذا الشعب الذي عانى طويلاً، من أن يحيا حياة كريمة آمنة ومستقرة، ويتمتع بخيرات بلده الغني وثرواته، بما فيها ثروة التنوع وتعدد العقائد والإثنيات.

فالعراق على مدار تاريخه الطويل، عاش في ظل التنوع الديني والمذهبي والعرقي، ولم يمنعه هذا من الوحدة في مواجهة النكبات والنكسات التي أحاقت به، والتصدي بحزم وفعالية لكل القوى الخارجية التي حاولت النيل من تماسكه الاجتماعي ووحدته الوطنية.

آن الأوان لتتخلى النخبة السياسية العراقية عن التجاذب العبثي والمعارك الوهمية، والبحث الجاد عن الخلفيات المسببة للعنف والعمل على تجاوزها، لمصلحة الوطن العراقي المشترك، بعيداً عن أي أجندات خاصة أو أطماع وإملاءات خارجية.

ويتعين التصدي للفكر الطائفي وثقافته، لتحجيم فعله لما يفرزه من تهديد للعراق وشعبه، عبر تكريس مفهوم الوطن الموحد، وعلى جميع القوى السياسية أن تعي مخاطر هذه الظاهرة المدمرة، وتعمل على إيجاد السبل الكفيلة بمحاصرتها.

ما يجمع العراقيين أكبر وأكثر بكثير مما يفرق أحزابهم وكتلهم السياسية ويحولهم إلى كيانات متقاتلة، وما ظاهرة »داعش« وغيرها من الجماعات الإرهابية الداعية إلى تفتيت العراق، سوى أدوات تحرص على تقسيم العراق وعرقلة قيام دولته الوطنية الموحدة، وإبقائه رهينة للأزمات والصراعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً