اراء و أفكـار

ترشيق الموت اولا

شامل عبد القادر*

الترشيقُ مشتقة من الرشاقة اي القوام الجميل وقد عرف العراقيون هذا المصطلح بعد عام 1991 عندما قررت الدولة وقتذاك ترشيق المخاطبات الادارية وتقليص الروتين واختزال خطوات تحرير المخاطبات الرسمية والتخلص من الكتب المحفوظة لتقليل الثقل عن كاهل الادارة العراقية.

ولم يكتف الرئيس السابق صدام حسين بترشيق الدوائر الحكومية بل اصدر توجيهاته بـ”ترشيق!!” الوزراء والمديرين العامين حتى الموظف درجة عاشرة وحدد الاوزان المطلوبة واخضع الجميع لفحص اللياقة البدنية!! واليوم يعود الاعلام العراقي الى تداول عبارة “الترشيق” وهذه المرة “ترشيق الوزارات!!”والمقصود به تقليص الوزارات اي حذف الوزارات غير الضرورية والمهمة وقيل ان الصحة والبيئة مرشحتان للترشيق وهذا امر يثير الدهشة لان العالم برمته يتطلع الى وزارات تهتم بالانسان كالصحة والبيئة وحقوق الانسان فكيف لنا الغاء هذه الوزارات في بلد يحتاجها حاجة قصوى؟!

كما اتساءل هل انتهينا من جميع المشاكل الاساسية التي يعانيها العراق لنرشق الوزارات واعتقد ان اكبر انجاز يحققه الدكتور العبادي هو في ترشيق الميليشيات والقصف العشوائي للمدن والقصبات!!
المطلوب ترشيق الفساد والتخلص من الفاسدين والمفسدين والمرتشين في اجهزة الحكومة وهم بالالاف وينتشرون كالسرطان في جسد الدولة وينخرونها نخرا !!
المطلوب وقف قصف الفلوجة وحماية المدنيين من الرمي العشوائي ومحاسبة المتجاوزين على بيوت الله فقد دمر الطيران العراقي والصواريخ والهاونات وقنابل الدبابات “130” مسجدا في الفلوجة.. والسؤال: كيف يتجرأ مسلم حقيقي على ضرب بيوت الله بالقنابل والصواريخ؟!
المطلوب ترشيق “سلة بغداد الغذائية” المقصود بها اليوسفية واللطيفية والمحمودية التي يتعرض اهلها الى “تجريف سكاني” حقيقي عن طريق المسلحين والميليشيات والقوات الحكومية وفي يوم امس الاول اتصل بي مواطن من اهالي اليوسفية وقدم نفسه بانه شيوعي عتيق اعتقل لاول مرة في حياته عام 1961 في عهد عبدالكريم قاسم عندما كان يتظاهر “من اجل السلم في كردستان” وقال لي بالحرف الواحد عبر الموبايل “لقد تعايشنا شيعة وسنة في هذه المناطق وتصاهرنا وامتزجنا عشائريا وعائليا ومهنتنا هي الفلاحة ونحن من نقدم سلة الغذاء للعاصمة بغداد الا ان قوات الحكومة والميليشيات المجهولة النسب تقتحم بين وقت وآخر بيوتنا وتعتقل اولادنا وجففت المياه في مناطقنا حتى صرنا نسقي الزرع من مياه الابار واصارحك القول ان ظلم القوات الحكومية والميليشيات دفعت بـ 80% من شباب هذه المناطق الى الالتحاق بالمسلحين لا حبا بهم او ايمانا باهدافهم بل تخلصا من الموت على ايدي هذه القوات والميليشيات وان لسان حال الشبان المتمردين يقول: “اموت بعد ان اقتل افضل من الموت ذبحا وخطفا وتعذيبا على ايدي حكوميين وميليشيات في منطقة سلة غذاءبغداد”!!
المطلوب يا سيدي رئيس الوزراء المكلف ايقاف رعب الميليشيات وعصابات الخطف والمساومة بارواح الشباب مقابل “دفاتر” حيث تحولت الرصافة لا الكرخ للاسف الشديد الى “شيكاغو” جديدة في قلب بغداد !!
ليس ترشيق الوزارات و”بهذلة” منتسبيها ونقلهم الى وزارات اخرى هي الخطوة الضرورية جدا في هذه المرحلة – برغم اهميتها لاحقا- بل توجد اولويات تتعلق بحياة الناس وامنهم الشخصي وخاصة في بغداد الجريحة.. المطلوب ترشيق القصف والبراميل المتفجرة.. ترشيق الموت العبثي في بغداد بكل اشكاله وانواعه يا سيدي العبادي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً