الجيش هو كيان ضعيف
صالح الحمداني*
ملازم محمد، آمر فصيلنا الطلابي في معسكر تدريب الطلبة الصيفي في الموصل، الضابط البالغ الوسامة، والذي من فرط أناقته يبدو كأنه (متواعد) يوميا، ظل يكرر عبارة:
“الجيش كيان ضعيف يستمد قوته من النظام، يعني الجيش كيان ضعيف، وسر قوته هو النظام، لذلك فالجيش كيان ضعيف يستمد قوته من النظام، وإنتم لازم تعرفون أن الجيش عموما هو: كيان ضعيف يستمد قوته من النظام”!
ثم خرج من باب الجملون العملاق الذي هو في الحقيقة منام الجنود، ويتسع لعشرات الطلبة. ووقف يضحك على ورطته – وظهره لنا – و ربما شتم النقيب وسام، أو كفر بالحظ المصخم.
يبدو أن خروج نقيب وسام الطارئ، من محاضرة التوجيه السياسي المقرر إلقاؤها علينا عصرئذ، قد أدخلت ملازم محمد في ورطة إلقاء محاضرة توجيه سياسي لطلبة – سرابيت – يفوقونه عمرا، وربما ثقافة.
لا أدري أين (صفى الدهر) بملازم محمد الوسيم صاحب الخدود الحمر، ولا أدري كم من زملائي – السرابيت – لا زالوا على قيد التنفس، في بلد صبغه الجيش العراقي بالخاكي تارة، وباللون الاحمر القاني تارة أخرى، بأوامر (عليا) لا يستطيع – دوما وأبدا – الى رفضها سبيلا!
ظل الجيش العراقي دوما ظالما ومظلوما في آن، وخاصة بعد استيلاء صدام حسين على الحكم عام ١٩٧٩، وتنصيبه نفسه قائدا عاما للقوات المسلحة، برتبة (دمج) فخرية ضخمة!
فقيادة الجيش من قبل سياسي مدني (غير ناضج) تجعل منه عصابة بزي موحد وتراتبية عسكرية لا أكثر، وتضيع كل العراقة، والتاريخ المجيد، بنفخة من سيگار القائد العام للقوات المسلحة، وتمسي صفة البسالة صعبة المنال لجيش أعطى الآلاف من الشهداء في معارك ذات نهايات سائبة.
الجيش الحالي هو امتداد للجيش السابق، بكل الحسنات المتوقعة، والسيئات التي لا يمكن إغفالها. والقيادة الحالية هي امتداد للقيادة السابقة، بكل ما تتميز به من قلة خبرة واستسهال لقيادة جيش ظل على الدوام يعاني من تراكم الخبرات مقابل جهل مطبق لمن يقوده بمعنى العسكرية وعقيدتها وشرفها!
الجيش العراقي هو جيشنا، وهو شأن الشعب العراقي، وشأن أطفالنا: “نحبهم مهما لنا أساءوا”!
لكن يبقى الجيش: “كيان ضعيف يستمد قوته من النظام”.. و “وتبقى الوحده بآمرها “!