اراء و أفكـار

فلول!

طه جزاع*

في زمن أصبحت فيه تهم خطرة مثل الخيانة والعمالة والتبعية والإرهاب وتنفيذ الاجندات الاجنبية تهما شبه عادية في الحياة العربية الجديدة يتداولها المتداولون كواقع حال لبعضهم البعض الاخر.

وفي فضاء مفتوح يتيح لأي تاجر خردة أو تاجر سياسة ان يطلق قناة فضائية تنال من خصومه،وتوجه لهم ما شاء من اتهامات،وتطلق عليهم ما شاء من صفات،صار بإمكان راقصة استعراضية مثل الفنانة المصرية سما المصري وبدعم من عدد من اصدقائها التجار والمقاولين،ان تطلق قناة فضائية للنيل ممن وصفتهم بخائني الوطن خلال المدة الماضية،وتقصد بذلك جماعة الاخوان ومناصريهم،وعددا من الشخصيات المصرية في مقدمتهم حامل جائزة نوبل محمد البرادعي!
والقناة الجديدة التي بدأت البث قبل يومين مع استهلال العام الجديد 2014 تحمل اسما ساخرا هو (فلول) والمقصود بهذه التسمية هم (فلول) نظام حسني مبارك الذين تنطق القناة بأسمهم،وذلك في رد سريع من هؤلاء على اطلاق قناة (رابعة) التي تتبنى قضايا الاخوان المسلمين،وهي في نظر جماعة (فلول) مجرد قناة (ارهابية) تنطق بأسم جماعة ميدان (رابعة العدوية) من الاخوان ومناصريهم،ونكاية بهؤلاء وعلى طريقتها الراقصة،قدمت لهم سما المصري اغنيتها الاولى على هذه القناة (أنا فلة) لتؤكد فيها انها من (فلول) نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك!
يبدو أننا وبعد قيام الراقصات المصريات بإطلاق قنوات فضائية،مثل فيفي عبده وسما المصري،قد دخلنا عصر الفضائيات الراقصة الساخرة التي قد تكتسح الفضائيات العربية الاخرى التي صدعت رؤوس المشاهدين،وعكرت أمزجتهم،وحيرت عقولهم،لذلك فأن المصري تعلن بثقة عالية ان قناتها ستسير على نهج مختلف تماما عن باقي القنوات،وإنها وضعت خطة زمنية لتجعل قناة (فلول) من أفضل الفضائيات العربية،وان مهمتها ستتمثل في التصدي لجماعة الاخوان والجماعات الارهابية،والدفاع عن (فلول) النظام السابق،وستبدأ بانتقاد الشخصيات التي أساءت لمصر،بفيديوهات ساخرة وبرنامج يتضمن اغنية راقصة في كل حلقة تنتقد هؤلاء،ومنهم البرادعي وحمزاوي والقيادية الاخوانية أم أيمن!
منذ عقود،وفي كتابه (فلسطيني بلا هوية) الذي صدر عام 1978 كتب القائد الفلسطيني الراحل صلاح خلف (أبو أياد) انه يخشى ان يأتي يوم على هذه الأمة تصبح فيه الخيانة وجهة نظر،وهاهو هذا اليوم قد حل بهذه الامة التائهة التي لم تعد تبالي بمثل هذه التهمة التافهة التي يتقاذفها المتقاذفون أمام الملأ تحت مسميات جديدة هي التبعية والعمالة وتنفيذ (الاجندات) الخارجية،بل أصبح لهذه الامة فضائياتها،وراقصاتها اللواتي حولن هذه التهمة الى مادة للضحك والسخرية والفرفشة و (رئصني يا كدع)!
وهي – والحق يقال – فلسفة وليس مجرد رقص وسخرية وبث فضائي،فليس من السهل ان تحول مفاهيم مثل (فلول) و(بقايا) و(أيتام) و(أزلام) الى كلمات وعناوين ومسميات لقنوات فضائية،تحن الى الانظمة السابقة،وتهاجم الاخرين بتهم الخيانة للوطن و(رابعة) العدوية،و (أربعة) ارهاب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً