اراء و أفكـار

في الحرب ضد الإرهاب

جعفر المظفر*

سيدتي الكريمة سميرة حبيب..
المعركة ضد الإرهاب ليست معركة, إنها حرب مفتوحة على السياسة والعقيدة والدين والأخلاق وشكل المستقبل, لهذا فهي إن جرت في اللحظة الراهنة في صحراء الأنبار بمستواها الحالي فهي في حقيقتها لم تتوقف في اية لحظة وفي اي مكان في العراق.. تفجير كنيسة الدورة في هذا اليوم وأثناء كتابتنا لردينا مثال حي..
إدارة المعركة في صحراء الأنبار لا يمكن أن تنقطع عن إدارتها في الداخل لأنها كما قلت لك حربا وليست معركة, وأنا مثلك أدعو أن ينتصر الجيش بقيادة المالكي في معركة وادي حوران, ولكن عيني عليه ان لا يدير المعركة بجهل يفقدننا مدننا ووحدتنا وعراقنا, ويدخلنا في مخاضات توفر لنا التجربة السورية دروسا مجانية لتلافي أخطاءها..
كل ما يقال عن مكاسب إنتخابية يريد المالكي أن يحققها من وراء مطاردة الإرهاب هو صحيح, ولكنه ليس عيبا أو مثلبة, فيا ريت كل سياسيينا يسعون إلى تحقيق مكاسب إنتخابية من خلال وقوفهم ضد الظواهر الشاذة.. المسألة ليست هنا سيدتي وإنما في الإختلاف حول طريقة إدارة المعركة, وقبلها حول معنى وتعريف هذه المعركة.
تضخيم المعنى كتبسيطه. لا أريد أن أفلسف القضية, لكن مخاطر تبسيطها قد تكون مأساوية. إنظري إلى المعركة العالمية ضد الإرهاب. منذ عقدين وامريكا بكل عدتها وعديدها تقاتل الإرهاب في أفغانستان, وقبلها حاولت لعقد كامل أن تواجهه عسكريا في العراق, لكنها لم تفلح لحد الآن في القضاء عليه, وأراه وقد بدأ يستفحل في مناطق اخرى من العالم, خذي ليبيا وتونس كمثال, وهذا هو النظام السوري بكل عدته وعديده, بكل صواريخ الأرض أرض والطائرات والبراميل المتفجرة وكل تحالفاته الإقليمية والدولية وما زال عاجزا عن تسجيل نصر حقيقي وسريع ضد داعش على الأرض, ولست اخفي عليك إعتقادي ان الإرهاب بقدر ما تقوده عصاباته على الأرض بقدر ما توجهه معسكرات دولية وإقليمية في صراعاتها البينية..
إن خطر من يجعل النصر ضد الإرهاب مستحيلا ربما هو أقل من خطر ذلك الذي يجعله سهلا وبسيطا وفي متناول اليد, وهو ذات الخطر الذي يحاول أن يبين لنا أن المعركة الحقيقية ضد الإرهاب هي تلك التي تدور في صحراء الأنبار وليست أيضا تلك التي تدور في مدننا على مدار الساعة, والمنفذة بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة, والمدعومة بفساد النظام وطائفيته وجهله وتمزيقه للوحدة الوطنية.
دعينا سيدتي ننتصر في حرب الصحراء على شرط ان لا نخسر حرب الداخل.
دعينا ننتصر في كليهما: معركة حوران ومعركة العراق
دعينا ننتصر في كليهما: المعركة والحرب.
أن ندعم جيشنا: أن نَصْدقَ معه. ولست أرى ان المصارحة بالأخطاء ومنع الكوارث المحتملة سيأكل من قدرات جيشنا في معركته الحورانية تلك, بل انه سيزيده قدرة ورفعة ومنعة وحماس, ولهذا فإن على جميع القوى السياسية في الداخل أن تدعم المعركة التي يقودها جيشنا في صحراء الأنبار, بالأنفس والصدق والموقف الحق, فالإرهاب في بدايته ونهايته ليس موجها ضد سياسي لوحده, أو ضد طائفة بعينها, أو ضد دين بذاته.. إن الإرهاب لا دين له ولا قومية ولا مذهب..
من يقف ضد المالكي في معركة حوران بحجة أنه يستهدف من المعركة مكاسب إنتخابية هو مخطأ وضال أيضا. فليستهدف الجميع سيدتي هذه المكاسب الإنتخابية من خلال فعل الخير, حينها سوف يكون للديمقراطية طعم آخر هو غير هذا الطعم المر الذي نتذوقه من خلال تسويق الطائفية والقبلية والرشى.
لكن عليك أن تعي أن معركة الشعب العراقي مع الإرهاب هي معركة حياتية وتاريخية, بمعنى أن النصر فيها ليس نصرا في معركة, في صحراء, وإن كان ذلك يجب أن لا يبخس من قيمة النصر في تلك المعركة ولا يبطأ أو يقلل من ضرورة دعمها, لكنه أيضا يجب ان لا يكون مدعاة لنسيان أن النصر في معركة عسكرية معينة ليس بالضرورة نصرا في الحرب ضد الإرهاب, فلنكسب كليهما يا سيدتي: المعركة والحرب.
في مطلع الإحتلال وجهت في إحدى مقالاتي نداء إلى المناهضين له قلت فيها: لا تقاتلوا المحتل بطريقة تجعلكم تخسرون العراق, بل بالطريقة التي تعيد لكم عراقا حرا وموحدا, والدافع كان هو جنوح البعض من المناهضين للإحتلال بمجابهات عسكرية بحتة وجهوية وحتى طائفية وعنصرية كان لها وهي تفلح بتفجير دبابة أمريكية ان تهدم في طريقها صرحا عراقيا وحدويا.
سيدتي: أولئك كانوا قاتلوا الإحتلال ولكنهم قاتلوا العراق في ذات اللحظة.
ومن واجبنا, أنت وأنا, أن لا نحارب الإرهاب والعراق, سوية وفي ذات اللحظة.
وإنما أن نحارب الإرهاب من أجل العراق.
وفي الموقع الأخير اجزم أننا سنقف سوية.
تقبلي تحياتي وتقديري وإحترامي لنواياك الطيبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً