اراء و أفكـار

كأسك يا وطن.. حول المعركة القادمة مع داعش

جعفر المظفر*

لا أحد على إستعداد منا لتبرير موقف التكفيريين والإرهابيين القتلة بحجة الأختلاف مع هذا وذاك.
على الجهة الأخرى ليس مسموحا لأي سياسي, وفي المقدمة المالكي, أن يقنعنا بأن معركته الحالية مع القاعدة تو جب علينا إنهاء وتعويم وتسطيح خلافاتنا معه حرصا على ما يسمى بسلامة الجبهة الداخلية, فالأمران في تصورنا متداخلان إلى حد كبير, إذ لا يمكن خوض المعركة الحالية والقادمة بدون إعادة بناء للجبهة الداخلية بحيث تزال منها أكثر الأخطاء السابقة وفي مقدمتها أخطاء المالكي نفسها التي كانت توزعت على كل الأصعدة.
إن التكفيريين يعملون تحت عناوين مفتوحة, ولأجندات متداخلة. وهم لهم عالم وفكر خاص, ولذلك فإن من الصعوبة تصور تكفيري بدون سلاح ناسف وبدون مخطط للتدمير وبدون جهاز رصد وإستمتاع مهيأ لإلتقاط إشارة الحورية على أية جهة من جهات الجنة.
وإن من الخطأ جدا مناقشة الأمر على أساس وجود الأضداد النوعيين كالقول أن الزرقاوي لم يكن ليوجد لولا وجود الشيعي, وبن لادن لم يكن ليقوم لولا الإمامية, إذ أن تجارب هؤلاء وتجارب العديد من سبقهم على إمتداد العالم تؤكد على أنهم أعداء كل شيء.
إن عالم الأموات والموت لا يحتاج إلى ثقافة جديدة لكي ينشأ, ولا إلى اضداد نوعيين لكي يقوم, فهنا في عمق ثقافتنا الإسلامية ثمة مستويات من الأفكار المقدسة التي قد تشجع على ذلك. وإذ لا ينكر أن الدين الإسلامي وغيره من الأديان الأخرى مملوء بالتعاليم الأخلاقية والقيم السمحاء, لكن هناك نسبة من المرضى السايكوباث قد يجدون قدرة تصريف جنونهم بطريقة تغلب الجزء على الكل, والحالة الخاصة على السياق, فإذا ما تلقفتهم الأجندات المتخاصمة فسنحتار من أي أرض يأتون
إن المعركة القادمة سوف تكون على أشدها, والخسائر العراقية التي حدثت بالأمس والتي ذهب شهداء لها عدد من قادة الجيش العراقي الكبار يجب أن تنبهنا إلى حقيقة أننا في مواجهة عدو شرس مثلما نحن بحاجة إلى اكثر من الهتافات وروح الحماس والكراهية المنصبة على العدو لكي نربح معركة كهذه. وما لم نتدارك الأمر ويخرج المالكي من عنترياته التي ما قتلت ذبابة فقد لا يمضي وقت طويل حتى نفاجأ به وهو يطلب العون من ولده أحمد لقيادة معركة عجزت عساكره عن القيام بها.
إن أمام المالكي دروس معركة السوريين مع الإرهاب. كل جيش الأسد المحترف بكل عدده وعدته وكل مؤسسات دولته العميقة ليست قادرة على القضاء على الأرهابيين الذين إستطاعوا أن يهيمنوا على أغلب الأراضي السورية التي تقع خارج هيمنة النظام, وإن أحد الأسباب التي ادت إلى ضعفه هو عدم إستجابته لإصلاحات الداخل والعزوف عن الإستجابة لمطاليب شعبه المشروعه والإستمرار بحكم الحديد والنار. فماذا سيجري لنا لو أن المعركة زحفت علينا ونحن بحالة مزرية من التمزق والشحن الطائفي والغياب الماضوي والفساد الخرافي وسقوط النماذج الأخلاقية والتبعية للخارج,
إنها أيام سوداء قادمة لن يكون بالإمكان مجابهتها إلا بنوايا بيضاء وعقول صافية وقلوب متآخية…
خلاف ذلك كأسك يا وطن.
والمشكلة ستكون أيضا حينما لا نجد كأسا نرفعه كما فعل بالأمس دريد لحام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً