اراء و أفكـار

الاعلام العراقي: كلمة طال الصمت عنها

سلوى الجراح*

مازال العراقيون يذكرون كيف كانت خطب السيد الرئيس القائد واستقباله لضيوفه أو اجتماعه بوزرائه ومساعديه إضافة لبرقيات التهنئة والتعزية التي يبعث بها أو يستلمها، تتصدر نشرات الأخبار في الإذاعة والتلفزيون بغض النظر عن أهمية الاحداث في العالم.

حتى ظهرت النكتة الشهيرة عن الرجل الذي ذهب بجهاز تلفزيون توقف عن العمل للمصلح، واستلمه في اليوم التالي وقد ألصق عليه المصلح صورة صدام حسين. والتبرير” استاذ هو أكو غيره بالتلفزيون”؟
اليوم وبعد ثلاث عشرة سنة من تدفق الديمقراطية والانتخابات الحرة، صار نقل الخبر يرشح من أيديولوجية الاحزاب والتنظيمات السياسية التي تمول الفضائيات العراقية التي تناسخت وتكاثرت بأموال دول تقف وراء التوليفة السياسية والحزبية والطائفية التي تصول وتجول في العراق الجديد. فهذه فضائية في حالة دفاع مستمر عن الحكومة وعن كل إنجازاتها العظيمة، وأخرى موالية للحزب الحاكم السابق تنتقد الأوضاع في العراق بسماجة غريبة. وثالثة تركز على شحة الماء والكهرباء والجوع والمرض والعوز وكل ما ابتلي به العراق لا حباً به وبأهله ولكن لإرضاء مموليها الذين يهدفون إلى إظهار عيوب الخكومة ويطمحون للوصول للسلطة. ورابعة تقوم بالدعاية لممولها الذي يمنح “المكرمات” للعراقيين الفقراء دون أن تثير السؤال لم هم أصلاً فقراء في بلد تبلغ ميزانيته مئة وثمانية عشرة فاصل ستة مليار دولار. هذا إضافة إلى كم مرعب من الفضائيات الدينية المتزمتة، وما تقدمه من فتاوى وما تستعرضه من مذيعات بالكاد تظهر وجوههن بين لفائف القماش.

هل هذا هو إعلام ما بعد التحرر من نظام دكتاتوري؟ أهذا ما يريده العراقيون من إعلامهم بعد أن ملوا إعلام الترهيب؟ خاصة أن معظم العراقيين حتى من يعيشون خارج العراق لا يتابعون الاخبار إلا من خلال الفضائيات العراقية، ولا يرددون الخبر إلا إذا كان منقولاً عنها. وانا لا ألومهم، لكني أتسائل كلما درت بالرموت على الفضائيات العراقية، أين الكفاءات العراقية؟ أين الذين درسوا الإعلام ومارسوه بل ودرّسوه في جامعات العالم؟ لم أضاع العراق فرصة أن ينشئ إعلاماً عصرياً متطوراً لا من النواحي التكنلوجية فحسب بل في مفاهيم الإعلام؟

العراقيون من أصحاب الكفاءات الحقيقية، لا في الإعلام فحسب بل في مختلف مجالات الثقافة، مبعدون تماماً عن مواقع التأثير، ومن حاول منهم الاقتراب اغتيل برصاصة، أو بتهمة لا تناسب فكره وثقافته. ربما لأنه تسائل عما يجري في بلد صار نفطه تجارة لمن يحسن المتجارة، ومشاريعه وسيلة للسرقة ونواب برلمانه لا يمثلون الناس بل عينتهم أحزابهم كجزء من المحاصصة السياسية، برواتب خيالية ولا يعنيهم العراق وما فيه ماداموا يتقاضون رواتبهم ويحلمون برواتب تقاعدية أكثر إثارة للخيال الجشع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً