ثقافة وفن

هاني فحص عن الراحل احمد فؤاد نجم: شاعر الاعتراض الثوري

414258_hani fahis

علاقتي بأحمد فؤاد نجم تشبه علاقة كل شيء بهذا المعلم الفني والانساني، لهذا الناقد اللاذع الذي كان نقده وسخريته قمة في الجمال، وكل علاقة عامة يمكن ان تكون لها خصوصيات ..خصوصية.

علاقتي بنجم أني رجل دين ‘مشاغب’ بالمعنى المنهجي، فأبحث عن الاصوات الشعرية والفنية التي تلتقي مع ما يعتمل في داخلي من شعور معتق بالحاجة الى الحرية والخبز المغسول بالعرق، وهنا التقيت بأحمد فؤاد نجم مبكرا وقرأت ‘عزة’ ورأيتها وأتفقت معها على ان اكتب مقدمة لديوانه عن طهران، وانا أيضا صاحب تجربة مع الثورة الايرانية قبل الدولة وبعدها.

وانا شيعي لم اجعل من تشيعي فاصلا بيني وبين أي آخر مختلف وكتبت المقدمة ولكنها لم تنشر.
تقديري ان السبب هو أنني قلت ان كثيرين في تاريخنا النضالي الحديث يساريون بما قد يعنيه اليسار من انحياز الى العدل.. ولكن ليسوا شيوعيين.. واحمد نجم سواء كانت هناك شيوعية او لم تكن فسوف يكون معترضا لانه موجوع ولان موهبته هي الاعتراض.. يبدو ان ذلك كان سببا في منع النشر في زمن كانت فيه بقايا الستالينية مسيطرة على حيز من العقل اليساري لتحول المعرفة الى ايديولوجيا… مزيَفة ومزِيفة وكان أحمد فؤاد نجم في السجن وهذا زادني حبا له وقراءة لشعره وقراءة لمصر في عينيه وصوته وصبره وجسمه النحيل… وأورثت شعره لاولادي وبناتي فسلموه ايضا الى اولادهم وبناتهم وكنت على علاقة متينة مع زوجته السابقة صافيناز كاظم، والتقيت بنوارة وهي صغيرة، ورأيت أباها في عينيها.. وامها في في الآخرين.. تماما كمصر التي هي في عين أحمد فؤاد نجم عزة التي هي خلاصة مصر في العين، كما قال أحمد عندما أتاه زوار الفجر.
واكتمل شوقي الى احمد عندما التقيته قبل سنة ونصف تقريبا واكتشفت أن كلا منا في لحظة ما وكأنه يبحث عن الآخر.
والتقينا في قعر البئر التي ينبع منها الشعر والعلم والحب والايمان والوطنية والدين…
لست مدعيا ذلك.. أنا اقول ما يدور في وجدان جيلي والجيل التالي الذي استيقظ على احمد فؤاد نجم وكأنه قد كتب شعراً لتوه في ميدان التحرير. ولعل اجمل ما أردده في خلواتي وبعد صلواتي وعندما تهجم علي احلامي مضمخة برذاذ النيل ‘مصر يما يا بهية يم طرحة وكلابية’
‘الزمن شاب وإنت شابة.. هو رايح وانت جاية’
تماما مثلما كان محمود درويش يغني فلسطين في العالم فإن أحمد فؤاد نجم يغني مصر في بلاد العرب وفي احياء الفقراء في كل بلاد العالم وبكاؤه على غيفارا كان يدمعنا جميعاً.. وحتى لا اكفر فأنا احببت نهج البلاغة لعلي بن ابي طالب وقرأت سيرة عمر بن عبد العزيز والتقيت مع أحمد فؤاد نجم على صفحات هذا التراث من الانسانية والشفافية والاصالة…

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً