اراء و أفكـار

انصفوها ينصفكم الله

أيام السبعينيات في العراق كنا نحتفل بعيد المرأة العالمي، الذي يصادف الثامن من آذار من كل عام، في الشوارع والبيوت والنوادي الاجتماعية. وكنا نحرص على تقديم باقات الزهور لزوجاتنا وأخواتنا وزميلاتنا في العمل، بل أحيانا نقدم الورود لكل إمرأة نصادفها في الشارع وكانت النساء تشعرن بالامتنان لمثل هذه المبادرات. ولا اتذكر أنني، شخصيا، قد واجهت صداً أو امتعاضاً، من إمرأة لا أعرفها قدمت لها وردة بالمناسبة.
اليوم، بعد أربعين عاما، وبدلاً من أن يصبح الاحتفال بمثل هذه المناسبات عيداً وطنياً تحتفل به الدولة تقديراً لمكانة المرأة ومعاناتها الطويلة ودورها في الحياة الاجتماعية والسياسية، تغيرت الأحوال ولكن نحو الأسوأ، فانزوت المرأة، خلال السنوات العشر الماضية، خاصة، في جلباب التقاليد المحافظة والمتعصبة التي تتعامل معها ككائن هش سريع العطب، أو كأداة مهمتها الوحيدة الانجاب وغسل الصحون، يجب أن تختفي وراء الستر وبين طيات الملابس السود وطناجر المطبخ.
هكذا ينظر البعض من ساستنا الى المرأة، وبالأخص منهم، قادة الإسلام السياسي، برغم إدعاءات ومزاعم فارغة عن حقوقها ودورها واحترامها ومكانتها، والدليل على شعور هؤلاء الساسة بالخشية من ظهور المرأة، مجرد ظهور، أننا لم نشهد مرة وأحدة زعيماً سياسياً واحداً يصطحب زوجته الى مناسبة عامة، كما يفعل قادة العديد من دول العالم، بما في ذلك الدول التي تحكمها أحزاب إسلامية.
لهذا لم تنفعنا كوتا المرأة في مجلس النواب عندما صنفتنا مؤسسة “تومسون رويترز” الدولية ثاني اسوأ دولة عربية في حقوق المرأة، مؤشرة الى ازدياد حالات العنف الأسري وممارسة الدعارة. إذ ذكر تقرير المؤسسة ان ” العراق الذي كان يوماً في صدارة الدول التي تحترم حقوق النساء في المنطقة احتل المركز 21 بين 22 دولة عربية في ميادين العنف ضد النساء والحقوق الإنجابية ومعاملة النساء داخل الأسرة واندماجهن في المجتمع والمواقف من دور النساء في السياسة والاقتصاد.
واضاف التقرير أنه ” في أول حكومة عراقية تتشكل بعد الغزو، شغلت النساء ست حقائب وزارية لكن العدد تراجع الآن إلى حقيبة واحدة لشؤون المرأة، وهي وزارة شرفية إلى حد كبير بميزانية هزيلة وعدد قليل من الموظفين “.
اكتب هذا الكلام لمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يصادف الخامس والعشرين من هذا الشهر، واتذكر أيام السبعينيات، عندما كنا نقدم الورود للنساء في عيدهن، فأصبح طموحنا اليوم كيف ندفع عنهن العنف والأذى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً