اراء و أفكـار

القدس عاصمة المسلمين

لو اعتبرت «إسرائيل» مدينة القدس عاصمة لها ألف مرة، ولو اعترف بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاصمة لـ«إسرائيل» مليون مرة، فهذا لا يغير شيئاً منها كعاصمة لكل العرب والمسلمين، ولن يتغير تاريخها ولا قيمتها ولا دورها. فأسوارها رسولية مضمخة بدم آلاف الشهداء المسلمين الذين دافعوا عنها، وحجارة شوارعها معمدة بالإيمان لأن الرسل مشوا عليها وحملوا شعلة المحبة والتسامح رسالة للعالم، وحجارتها تحمل بصمات مئات الأجيال التي رفعوها مساجد وكنائس تحكي الطهر والإيمان.
وآية الله التي نزلت في كتابه الكريم «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى» سوف تبقى مجلجلة تؤكد قداسة المدينة وارتباطها بروح الإسلام كعقيدة ثابتة لا تهزها أراجيف «إسرائيلية» وأمريكية وغيرها.
تحت راية القدس التأمت في إسطنبول أمس قمة إسلامية طارئة للرد على تجاوز أمريكي بلغ حداً من التحدي والاستهتار بالعرب والمسلمين لا يمكن السكوت عليه.
كان على المسلمين أن يقولوا كلمتهم. أن يردوا على القرار الأرعن للرئيس الأمريكي بما يستحق، لعله يتراجع ويدرك كم أساء للعرب والمسلمين وللقانون الدولي وللشرعية الدولية، بل كم أساء لدولة عظمى تدعي أنها تحترم حقوق الإنسان وحق تقرير المصير والعلاقات الدولية، وكم أضر بعلاقات بلاده بدول عربية وإسلامية حليفة وجدت نفسها بين ليلة وضحاها ضحية لعدوان يستهدفها في الصميم إرضاء لرغبات لوبي صهيوني لا يرى إلا من ثقب الإبرة «الإسرائيلي» من دون أي اكتراث بالمصالح الأمريكية.
القمة الإسلامية ردت بالممكن الذي يجب أن يكون أشد وأقوى وبما يتناسب مع حجم القرار، من أجل حماية القدس وهويتها العربية -الإسلامية.
لقد أكدت على أن القدس عاصمة لدولة فلسطين، ودعت دول العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية وبالقدس عاصمة لها، واعتبرت أن قرار ترامب غير المسؤول «باطل ولاغٍ»، ويغذي التطرف والإرهاب. كما أن القرار يقوض كل جهود السلام ويضع كل منطقة الشرق الأوسط والعالم أمام مخاطر غير متوقعة، وشددت على أن الولايات المتحدة فقدت أهليتها كوسيط نزيه وبالتالي لا بد من آلية جديدة يتم من خلالها تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، حيث شكل قرار ترامب اعتداء عليها، والاستعداد لطرح المسألة على المنظمة الدولية.
القرارات لم تكن على مستوى التحدي، إذ كان يجب أن تكون القرارات قادرة على لجم القرار الأمريكي وجعل الولايات المتحدة تتخلى عن قراراتها، وكان الأمر يحتاج إلى جدية أكثر وإلى جرأة أكبر.. وهذا مع الأسف لم يحدث! ومع ذلك سوف تبقى القدس هي القدس التي نعرفها.

“الخليج”

مقالات ذات صلة