اراء و أفكـار

تداعيات عزل روسيف

يفتح قرار مجلس الشيوخ البرازيلي عزل الرئيسة ديلما روسيف أبواب التساؤلات حول مستقبل البرازيل السياسي والاقتصادي، وعلاقاتها الإقليمية وتحالفاتها الدولية في إطار اتحاد دول أمريكا الجنوبية (يوناسور)، ومنظمة «بريكس» التي تضمها مع روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا، والتي باتت تشكل واحدة من أعمدة المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية في مواجهة المؤسسات المالية الأخرى (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) التي تخضع للهيمنة الأمريكية وشروطها المذلة في إقراض الدول الفقيرة والنامية التي تحتاج إلى دعم مالي لإنقاذ أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.
روسيف وحزبها (العمال) يعتبران أن ما حصل كان انقلاباً سياسياً دبرته أجهزة مخابرات أجنبية بواسطة أحزاب وقوى محلية مرتبطة بالمؤسسات الرأسمالية العالمية، وبمنظومة الفساد التي تشكل أحزاب المعارضة رأس حربتها. كما أن روسيف رفضت كل الاتهامات التي وُجِّهت إليها بممارسة الفساد، وتحميلها مسؤولية التلاعب بحسابات عامة لإخفاء العجز الكبير في الموازنة، وقالت إن إقالتها تهدف إلى التغطية على الفاسدين الحقيقيين.
يذكر أن البرازيل، وخلال حكم الرئيس السابق لويس أناسيو لولا دي سيلفا وخليفته روسيف، خرجت من حالة ركود خانقة، وتم كبح جماح التضخم، وحققت نمواً معتبراً، واستعادت العملة قوتها، وتدفقت الاستثمارات على البلاد، وتراجع معدل الفقر، وارتفعت نسبة فرص العمل، وصارت البرازيل من الدول الأولى اقتصادياً. لكن ما لم تحسب روسيف حسابه أنها سلكت العادات القديمة المتمثلة في سيطرة الحكومة على التخطيط والسياسات الاقتصادية، ولم تركز على الإصلاحات المتعلقة بالمعاشات وسوق العمل، ما أدى إلى ضعف في النمو، وازدياد حالة التذمر الشعبية جراء ارتفاع نسبة البطالة، والعجز في الموازنة.
كل هذه الأمور استغلتها أحزاب المعارضة التي بدأت تحرك آلتها الإعلامية الضخمة ضدها وتنظم التظاهرات المعادية لها.
السؤال الذي يتردد الآن هو، هل تستطيع حكومة «الرئيس الجديد» ميشال تامر الذي قاد المؤامرة ضد روسيف أن تصمد في مواجهة موجة أزمة اقتصادية بدأت تعصف بالبرازيل، وتهديدات من نقابات عمالية و«حزب العمال» الذي تقوده روسيف ببدء تحركات واسعة ضد الحكومة الجديدة التي يُتهم بعض أعضائها بالفساد ومن بينهم تامر شخصياً؟ وهل تستطيع حكومة تمثل مجموعة من الرأسماليين وأصحاب الأعمال تلبية مطالب القطاعات العمالية والحد من التضخم، ومواجهة الفساد الذي كان المبرر لإسقاط روسيف؟ ولعل السؤال الأهم هو كيف ستكون علاقات البرازيل مع دول أمريكا اللاتينية الأخرى التي كانت ترتبط معها بعلاقات سياسية واقتصادية مميزة مثل فنزويلا وبوليفيا والإكوادور وكوبا؟ وما موقع البرازيل في منظمة «بريكس»، وهل هي قادرة على البقاء فيها أم ستخرج منها؟
.. هي تحديات صعبة ومصيرية أمام النظام البرازيلي الجديد.

نقلاً عن “الخليج”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً