اراء و أفكـار

خريطة طريق جديدة لسوريا

يونس السيد

المقاربة الأمريكية الروسية جديدة حول سوريا، حيث يسعى الطرفان لاستكمال تفاصيلها، وتستهدف محاولة رسم خريطة مبدئية لحل الأزمة المستعصية، في ضوء المتغيرات الميدانية والتطورات السياسية الإقليمية والدولية، فهل تنجح هذه المقاربة في إرساء أول خطوة جدية على سكة الحل السياسي؟ أم أن الشيطان لا يزال يكمن في التفاصيل؟.
«الاتفاق من أجل الاتفاق» لا أحد يريده، كما عبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عقب اجتماعه المطول في جنيف مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، فما نريده، بحسب كيري، هو إنجاز شيء فاعل يفيد السوريين، ويجعل المنطقة أكثر استقراراً وأمناً، ويأتي بنا إلى الطاولة هنا في جنيف لإيجاد حل سياسي، ولكن يبدو أن 12 ساعة من المباحثات بين الرجلين لم تكن كافية للتغلب على النقاط الخلافية العالقة، رغم الحديث عن أنهما أصبحا على بعد خطوة واحدة من التوصل إلى اتفاق نهائي، وأن هناك بعض الجوانب الفنية تركت لخبراء من الجانبين سيعملون على معالجتها في جنيف خلال الأيام القليلة القادمة.
يتعلق الأمر بعدد من النقاط العالقة التي لم يخرج الاجتماع بنتائج معلنة بشأنها، وستكون محور نقاش الخبراء، وفي مقدمتها مسألة فصل «المعارضة المعتدلة» عن الفصائل المسلحة الإرهابية، وهي مسألة تطالب بها موسكو منذ وقت طويل، وأقرتها واشنطن حينما أكدت أن جبهة «النصرة» منظمة إرهابية، رغم تغيير اسمها إلى «فتح الشام»، ومع تأكيد كيري بأن المسألة صعبة، ولكن ليست مستحيلة، وذلك بسبب تمركز جميع الفصائل في الأراضي نفسها في معظم الأحيان، إلا أنه أشار إلى أن هناك خطوات يمكن اتخاذها لحل هذه المسألة، من بينها إشراك دول أخرى داعمة لهذا الفصيل أو ذاك للمساعدة في عملية الفصل. والنقطة الثانية تتعلق بالهدنة أو وقف العمليات القتالية، وإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وهي مسائل محورية من شأن تثبيتها أن يدفع باتجاه الذهاب للحل السياسي، لكن التجارب السابقة أثبتت استحالة إنجاز هدنة حقيقية دون ضمانات، ودون محاسبة الأطراف التي تخرقها، وهو ما يحتاج إلى آليات تنفيذية قيل إنه جرى الاتفاق بشأنها، ولكن لم يتم الإفصاح عنها. وهناك نقطة خلافية أخرى تتعلق بتوقيت استئناف العملية السياسية، إذ رغم اتفاق الجميع على استحالة الحل العسكري للأزمة السورية، إلا أن هذه العملية التي كان من المقرر أن تستأنف نهاية الشهر الحالي، لا تزال رهينة التطورات السياسية والتقلبات الميدانية، فبينما ترى موسكو ضرورة استئناف مفاوضات جنيف في أقرب وقت بمشاركة جميع الأطراف السوريين بمن فيهم الأكراد، تعتقد واشنطن أنه لا يمكن إعادة إطلاق هذه العملية قبل عملية بناء للثقة تقوم على وقف شامل لإطلاق النار، وضمان إدخال المساعدات للمناطق المحاصرة، والاستناد إلى تفاهمات فيينا، وبيان جنيف بشأن العملية الانتقالية، أي أن استئناف هذه العملية، باختصار، مرهون بالتفاهم الأمريكي – الروسي على التفاصيل. اللافت هنا أن واشنطن حاولت طمأنة الروس بأنها لا تدرس مسألة إقامة منطقة حظر طيران شمالي سوريا خلافاً للرغبة التركية القديمة-الجديدة في إقامة «منطقة آمنة»، التي أفصحت عنها مع بدء عمليتها العسكرية في جرابلس، لكن تبقى مشكلة الأكراد ومشاركتهم في العملية السياسية، إلى جانب تطورات التدخل التركي في الشمال السوري، معضلة كبرى سيتوقف على حلها نجاح جهود الحل السياسي من عدمه رغم كل الممهدات.

 

نقلاً عن “الخليج “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً