معارك عنيفة في حلب ومسلحو المعارضة يخترقون الحصار
قال مقاتلو المعارضة السورية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي المعارضة اخترقوا يوم السبت الحصار على المناطق الخاضعة لسيطرتهم في شرق حلب في هجوم على مجمع عسكري كبير يهدف لإنهاء الحصار المفروض منذ شهر.
ونفت وسائل إعلام موالية للحكومة كسر الحصار وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن الوضع غامض بصورة تحول دون التعليق عليه. ويبدو من التقارير بشأن القتال العنيف والضربات الجوية في هذه المنطقة أن أي ممر ربما يتم فتحه الآن للمدنيين لن يكون آمنا بالدرجة الكافية.
ويسعى مسلحو المعارضة لاختراق شريط ضيق من الأرض يخضع لسيطرة الحكومة من أجل إعادة الربط بين المناطق التي تسيطر على المعارضة في غرب سوريا من ناحية وقطاعهم المحاصر في شرق حلب من جهة أخرى وهو ما يعني عمليا كسر الحصار.
وبدأ الهجوم على مجمع الراموسة العسكري الذي يضم عددا من الكليات العسكرية يوم الجمعة. وستؤدي السيطرة على مجمع الراموسة والاتصال مع شرق حلب إلى عزل غرب حلب الذي تسيطر عليه الحكومة من خلال قطع الطريق الجنوبي المؤدي للعاصمة دمشق.
كما ستتيح تلك الخطوة للمقاتلين الحصول على الأسلحة المخزنة في المجمع والتي يستخدمها الجيش السوري في الصراع المستمر منذ خمسة أعوام كمركز لقصف أهداف للمعارضة.
وقالت جماعتان معارضتان والمرصد السوري يوم السبت إن قوات المعارضة كسرت الحصار وهو ما نفته وسائل إعلام موالية للحكومة قالت إن الجيش السوري في حقيقة الأمر يستعيد أراض كان المعارضون استولوا عليها في الآونة الأخيرة.
وقالت جبهة فتح الشام التي كانت في السابق تسمى جبهة النصرة وتتبع تنظيم القاعدة في بيان عبر الانترنت “التقاء المجاهدين من خارج المدينة بإخوانهم المجاهدين داخل المدينة والعمل جاري للسيطرة على ما تبقى من النقاط لكسر الحصار عن حلب.”
كما أبلغ قائد جماعة معارضة أكثر اعتدالا رويترز بأن الحصار تم كسره لكنه مازال في أيامه الأولى وأن الأمر لم يكن سهلا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له إن القتال العنيف والضربات الجوية المكثفة تحول دون إنشاء ممر آمن حتى الآن بين المنطقتين اللتين تسيطر عليهما المعارضة.
* الشهر الأسوأ
وفي تقرير آخر قال المرصد السوري إن هجوما على مستشفى في شمال غرب سوريا أسفر عن مقتل عشرة أشخاص من بينهم أطفال يوم السبت. وقالت جمعية خيرية طبية إن شهر يوليو تموز الماضي هو الأسوأ في الهجمات على المنشآت الطبية في البلد الذي مزقته الحرب مشيرة إلى أنه تم تنفيذ 43 هجوما على منشآت للرعاية الصحية في سوريا.
ويقع المستشفى في بلدة ملس الواقعة على بعد 15 كيلومترا من مدينة إدلب في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة. وتنفذ طائرات عسكرية تابعة للقوات الحكومية وأخرى روسية متحالفة معها عمليات في سوريا لكن من غير المعروف أي طائرة نفذت الضربة.
وقال المرصد في تقريره بشأن القتال في حلب إن المقاتلين سيطروا على كلية التسليح وعلى كلية المدفعية الرئيسية والكلية الفنية الجوية ومنطقة كراج الراموسة. ومازالت القوات الحكومية تسيطر على مصنع الأسمنت وبعض المساكن العسكرية.
وقال المرصد إن هذه أكبر خسارة عسكرية ورمزية مُني بها النظام والروس والإيرانيون وحزب الله منذ بداية 2013 .
وأضاف أن غارات جوية عنيفة يُعتقد أن طائرات روسية هي التي قامت بها شُنت على حلب يوم السبت.
وقالت وكالة أنباء الجيش السوري في وقت لاحق يوم السبت إن الجيش السوري استعاد السيطرة على كلية المدفعية وأجبر المعارضة على الانسحاب من كلية التسليح.
وقال شاهد إن الناس في أحد شوارع شرق حلب احتفلوا لوقت قصير بتقارير كسر الحصار لكنهم تفرقوا بعد مشاهدتهم للطائرات الحربية في السماء.
وبث التلفزيون السوري الرسمي تقريرا على الهواء مباشرة من مشارف قاعدة المدفعية في الراموسة جنوب غربي حلب حيث سمع دوي أعيرة نارية وتفجيرات وشوهدت طائرات حربية تحلق في أجواء المنطقة.
وبثت جماعات معارضة مقاطع فيديو تقول إنها تظهر معارك مسلحة مع اقتحام المقاتلين لمباني المجمع.
ويريد الرئيس السوري بشار الأسد استعادة السيطرة الكاملة على حلب التي كانت كبرى مدن سوريا قبل الحرب والتي انقسمت إلى مناطق تخضع لسيطرة المعارضة ومناطق تحت سيطرة الحكومة. وإذا حقق الأسد هذا الانتصار فسيوجه ضربة ساحقة للمعارضة.
* معاناة المدنيين
ويُعتقد بأن نحو ربع مليون مدني مازالوا يعيشون حتى الآن في أحياء شرق حلب التي تسيطر عليها المعارضة أي أنهم عمليا تحت الحصار منذ أن قطع الجيش والقوات الموالية له آخر طريق موصل إلى أحياء المعارضة في أوائل شهر يوليو تموز.
ويعاني السكان بشدة سواء في شرق أو غرب حلب. وتتعرض المناطق الحكومية بانتظام لقصف من المعارضة في حين تتعرض مناطق المعارضة أيضا لقصف وضربات جوية من قوات سورية وروسية متحالفة معها.
وتقول جماعات المساعدات الإنسانية إن الموقف في شرق حلب مقلق للغاية. وقالت الجمعية الطبية السورية الأمريكية إن منشآت طبية لم تعد قادرة على توفير الخدمة تعرضت لضربات 15 مرة في يوليو تموز.
وأضاف الطبيب أبو العز منسق الجمعية في حلب في بيان إنه لم يبق في المدينة سوى 35 طبيبا وإن 100 شخص في حاجة للإجلاء منها لتلقي العلاج.
وجذبت الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2011 في سوريا قوى إقليمية وعالمية وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم. كما جذبت الحرب مجندين من المتشددين الإسلاميين في أنحاء العالم.
وتشير بعض جماعات المعارضة إلى حرب حلب باسم “معركة إبراهيم اليوسف” في إشارة إلى قائد جيش سني قاد مذبحة قتل فيها عدد كبير من طلبة كلية المدفعية في أواخر سبعينيات القرن الماضي. وكان معظم القتلى ينتمون للطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد ووالده الرئيس السابق الراحل حافظ الأسد.