اراء و أفكـار

فواحش العصف الوحشي بالحياة الانسانية

يبدو أن التطرف والإرهاب «الإسلاموي» لم يبلغ بعد ذروة التوحش، فكل يوم تطالعنا سرديات أولئك المتوحشين، بالمزيد من عمليات التقتيل والتذبيح والاستباحة والاستعباد والاسترقاق والاستعداء، إلخ من أفعال وترميزات التوحش، حتى لم يبقَ في قاموس الرأسمال الرمزي والفعلي من فعل وحشي إلا وجرى ارتكابه، على أيدي الكثيرين من «الدواعش» الذين فعلت أيديولوجيات التوحش فعلها فيهم، وشكلت وتشكل اليوم بوصلتهم واتجاهاتهم نحو «جنات الجحيم»، بغض النظر عن استيهاماتهم في شأن الحواري وأنهار العسل واللبن، في حين أنهم الآن وهنا يواصلون استغلال سلطتهم الغاشمة في المزيد من ارتكابات وموبقات الاستباحة.
هو العصف الوحشي بأي شيء وبكل شيء، فقد شكل التواجد «الداعشي» في كل من العراق وسورية وممارسة عنفهم الأعمى، وبأشكال بدائية، العصف الأقسى والأعنف والأكثر وحشية من أي قوة احتلال، ضد السكان المحليين، من قبيل ما فعل «دواعشيو الخلافة» في سنجار ضد الأزيديين، وغيرهم من مواطنين، بغض النظر عن طوائفهم ومذاهبهم في هذين البلدين، وفي المناطق التي استباحتها قطعان «الاحتلال الداعشي»، بغرائزها الوحشية التي فاقت جرائم أي احتلال كولونيالي في عصرنا الحديث، بل تفوقت على تلك الجرائم بأدلجتها الصارمة، والصادمة للحس الإنساني والأخلاقي وحتى الديني.
في كل هذا «الموات العظيم»، ليس هناك من قيمة للنفس البشرية على الإطلاق، بل ليس هناك أي قيمة لأي شيء، سوى للموت المجاني، وقتل النفس، وتقتيل الآخرين بأي طريقة، وكأن «الطهارة» المزعومة للخليفة وأتباعه وأمثاله من الأمراء والولاة، اقتضت وتقتضي الخلاص من «النجاسة»، وذلك بارتكاب نجاسات أفظع في حق النفس أولاً، وفي حق الآخر، أياً كان أو يكون، وهذا هو العبث وقمة العبث، وباطل الأباطيل، أن ينحو الإنسان لقتل الإنسان فيه، ومن ثم لقتل الإنسان على العموم وعلى الإطلاق، فأي قيمة يتبقى لأي شيء، طالما أن الإنسان يخسر نفسه بهذه الطريقة المجانية العبثية؟ وأي دين يمكن له أن يحث أتباعه على مثل هذا السلوك الوحشي؟ في عالم أثبتت فيه الأخلاق والقيم والحقوق الإنسانية، أنها الأبقى وهي الأرقى لديمومة الإنسان سيداً على كونه وكينونته، أما في حالات التدين الشاذة، كما في سلوك وممارسات بعض أتباع الأصوليات الدينية على اختلافها، الجلية والواضحة في تطرفها وإرهابها وسلوكها الوحشي، والتي بتنا نراها اليوم ونعايشها، كما سمعنا عنها قبلاً، فهي النقيض المطلق لسيادة الإنسان المفترضة على الطبيعة والحياة البشرية.
إنهم يقتلون روح «الأمة» التي يزعمون أنهم من أبنائها، وإنهم يقيمون خلافتهم من أجلها، ويشوهون روح الدين وجوهره الذي يزعمون إنهم ينافحون عنه وعن شرائعه، وليسوا وحدهم في هذا المجال، فشركاؤهم كثر، من أولئك الذين عشقوا نيران الفتنة، ونظّروا وينظّرون لها، إلى حد الاحتراق بها، والاستمتاع برؤية أرمدتها تتعفر فيها وجوه التابعين، وعشاق الفتن، ومؤدلجو السلوك الوحشي لكائنات ما عاد يربطها رابط بجوهر وحقيقة الإنسان وقيمه وأخلاقياته، وهمومه وتطلعاته في واقعه المر، واقع يكتوي فيه إنساننا بنيران استبدادات متعددة، سياسية أو دينية، تحالفت وتتحالف ضده على كل الأصعدة، فلا مهرب من مواجهتها كلها، من دون مداهنة أو تملق أو نفاق، أو مهادنة إحداها على حساب الأخرى، وإلا كنا نهوّن الموت هنا ونصعّبه هناك، في حين إن الموت واحد في كل الحالات، مقيت وكريه، وإن يكن حقاً في نظر البعض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً