اراء و أفكـار

حال السلطة الفلسطينية

حذر جون كيري وزير الخارجية الأمريكية من عواقب انهيار السلطة الفلسطينية واعتبر أن نتائج ذلك ستضر بالكيان الصهيوني. وقد بنى كيري موقفه على إحساسه بيأس الرئيس الفلسطيني حين قابله، الناجم عن مدى «اليأس الذي يشعر به الشعب الفلسطيني».
وقبل هذا التصريح بأيام قليلة استنكر كيري الاحتجاجات الفلسطينية على الظلم والاضطهاد والاغتصاب التي يتعرض لها الفلسطينيون ومقدراتهم واصفاً إياها ب «الإرهاب».
الموقف الأمريكي هذا يعطي صورة واضحة عن تخبط السياسة الأمريكية؛ فهو من جهة يدين الفلسطينيين لأنهم ينتفضون من أجل حقوقهم ولدفع الظلم الواقع عليهم، وهو من جهة أخرى يقول إن الأسباب التي أدت إلى انتفاضهم قد تقود إلى نهاية ليست في مصلحة الكيان الصهيوني.
لم يجرؤ كيري على تسمية هذه الأسباب، لكنه اعتبرها موجودة لأنها تؤدي إلى اليأس في المجتمع الفلسطيني. الوزير الأمريكي ليس مهتماً بهذه الأسباب إلا بقدر ما يعتبر أنها تهدد الكيان الصهيوني. وقد كان الوزير موارباً حين أشار إلى بعض هذه الأسباب. فهو لم يدن بناء المستوطنات ويعتبرها انتهاكاً للقانون الدولي، وإنما أشار إليها باعتبار ما يعتقد الفلسطينيون من أنها تثير تساؤلات لديهم حول «جدية نوايا» «إسرائيل».
ومضى في القول إلى اعتبار أنه ليس هناك أجوبة سهلة عن تلك التساؤلات.
وقد أخطأ كيري تماماً. فالأجوبة عن هذه التساؤلات سهلة لو كانت المرجعية هي قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية. فهذه الشرعية وتلك القرارات توضح بشكل لا لبس فيه أن الاستيطان يعتبر انتهاكاً لها، وانتقاصاً من قيمتها. وبالتالي، فالمنتهك يعرض نفسه لإدانة المجتمع الدولي، ومن ثم لإجراءاته التي تفرض عليه الامتناع عن انتهاكها كما هو الحال في ما تفعله الولايات المتحدة في قضايا الانتهاك فيها أقل وضوحاً مما هو الوضع في الحالة «الإسرائيلية». والأجوبة تصبح صعبة حينما لا تكون الشرعية الدولية هي المرجعية، بل ما يستطيع الكيان الصهيوني فرضه من دون خلق تهديدات له.
اليأس الفلسطيني مرجعه أن كل الاتفاقات التي عقدت مع الكيان وكل الوعود التي قدمتها الإدارات الأمريكية على مر السنوات الماضية كاذبة ومخادعة، وأن كل همها هو إدارة الوقت بطريقة تكفل تمكين الكيان من خلق المزيد من الوقائع على الأرض الفلسطينية. وهذا هو وجه الخطر الذي يراه كيري. فهو يرى أن عدم القدرة على إدارة الصراع بالطريقة الأمريكية – «الإسرائيلية» قد يؤدي إلى خيارات أخرى لا يستطيعون التحكم بها، ويؤدي إلى انفلات الأوضاع بحيث تخلق مخاطر حقيقية للكيان الذي تدعمه الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً