صور الجنرال سليماني التي «تنتهك» سيادة العراق
القدس العربي
اعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن انزعاجه من انتشار صور لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الايراني، الجنرال قاسم سليماني اثناء قيادته للمعارك في العراق، الا انه رحب بالمساعدة الإيرانية في الحرب ضد تنظيم «الدولة».
واشار العبادي في واشنطن إلى أن الصور في حد ذاتها «بعثت رسالة خاطئة» و«أنه يحاول معرفة من التقطها». واعتبر في حفل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «هذه قضية شديدة الحساسية. سيادة العراق مهمة للغاية بالنسبة لنا.»
وأضاف «العراقيون يضحون لإنقاذ بلدهم. ولن يقبلوا أن يبدو الأمر كما لو كان الآخرون يفعلون هذا بالنيابة عنهم.» واعتبر أن هذا الظهور الواضح لسليماني «فكرة سيئة»، وانه تحدث بشأن مسألة الصور مع طهران التي نفت أي دور لها في الأمر.
وكان العبادي طالب طهران اثناء زيارته لواشنطن علانية، للمرة الاولى، باحترام «سيادة العراق»، وانضم اليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إيران عقب محادثاتهما الثلاثاء مشددا على ضرورة «أن يحترم مقاتلوها سيادة العراق وأن يخضعوا لسلطة حكومة بغداد في المعارك».
ومن الواضح هنا وجود ثمة اختلاف في تعريف « انتهاك السيادة» بين الجانبين، حيث تراه الحكومة العراقية في نشر صور سليماني، بينما تلمسه واشنطن في عدم خضوع الجنرال الايراني ومقاتليه اصلا لسلطة بغداد.
الا ان هذا الاختلاف لا يمكن ان يتجاوز المفارقة البديهية، في ان نشر الصور وليس وجود قائد غير عراقي اصلا على رأس قوات حكومية وميليشيات عراقية هو من ينتهك «سيادة العراق». كما انه لا يسمح لاوباما ان يطالب طهران باحترام سيادة العراق في حضور رئيس حكومته.
ومن الواضح ان رئيس الوزراء العراقي يدرك جيدا حجم الضرر الذي نشأ عن انتشار تلك الصور، حتى انه قرر ان يبحث شخصيا عمن التقطها، مع انها التقطت في مواقع عسكرية يفترض انها خاضعة للجيش الذي يشغل منصب قائده العام، ثم كانت جزءا من مباحثاته مع طهران التي «نفت علاقتها» بهذه القضية(..).
الا انه ليس من الواضح لماذا لم يكشف العبادي عن هذه القضية الخطيرة التي تمس «سيادة العراق» من بغداد بدلا من واشنطن؟ وان كانت تصريحاته تعبر عن تغيير ما في علاقة حكومته مع طهران، ام انه مجرد (Lip service) حسب التعبير االامريكي، او بالعربي (حكي فاضي)، بمناسبة حصوله من «الحليف» الامريكي على صفقة طائرات اف 16؟
الحقيقة التي تقف وراء هذا الجدال السياسي هي ان الايرانيين، بخلاف كثير من العرب، يدركون اننا نعيش «عصر الصورة»، والاهم انهم يجيدون استخدامها في «حرب اعلامية» اصبحت عاملا حاسما في اغلب الصراعات السياسية الاقليمية.
ومن وجهة نظر طهران، فان المساعدات التي قدمتها للعراق والمتمثلة في «مستشارين» او اسلحة كانت ضرورية لتحقيق انتصارات على تنظيم «الدولة»، وبالتالي فمن حقها ان «يصادف» جنرالها في العراق من يلتقط له صورة في المواقع العسكرية، ثم ينشرها في الانترنت دون ان يتعرف احد عليه(..).
اما اوباما فان «غيرته» على «سيادة» العراق لا يمكن ان تكون اكبر من شعوره بالمرارة من حصد سليماني لثمار مئات الغارات التي شنتها طائرات التحالف في العراق، وما كانت تكريت او غيرها لتتحرر بدونها، ناهيك عن الاضرار الاستراتيجية من التوسع الايراني على الارض.
اما العبادي فربما سيكون عليه البحث بشكل اعمق فيما يهدد سيادة العراق حقا. واذا ما كان وجود آلاف «المستشارين» الايرانيين والامريكيين والاوروبيين على ارضه لا يسيء اليها، فلماذا رفض في القمة االعربية مشروع انشاء «القوة العربية المشتركة» باعتبار انها تمثل انتهاكا لسيادة الدول العربية؟
اما السؤال الاكثر صعوبة فحتما سيكون ما الذي حول العراق الى بلد، يكفي لانتهاك سيادته، ان ينشر احدهم صورة، ايا كان من فيها؟