اراء و أفكـار

لماذا «صمد» نظام بشار؟ إجابة لافروف وإجابات الآخرين

ياسر الزعاترة

لكل روايته لأسباب صمود نظام بشار أمام ثورة الشعب السوري التي تجاوزت السنوات الخمس، وقدمت مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى، والملايين من المهجرين.
ما يعيدنا لهذه القصة يتمثل في تلك الإجابة المثيرة التي نزلت كالصاعقة على رؤوس أتباع خامنئي، ودفعت أحد أبواقهم إلى الرد بإجابة أكثر إثارة، وبالطبع في معرض السخرية!!
لافروف قال إن دمشق كانت ستسقط في «غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في يد الإرهابيين»، حين تدخلت روسيا، وهو ما دفع حسين مرتضى، أحد أهم شبيحة حزب الله الذي يعمل مديرا لمكتب قتاة العالم الإيرانية في دمشق، ويطوف مع ميليشيات خامنئي من جبهة إلى أخرى ليستعرض بذاءاته.. دفعه إلى القول في تغريدة بتويتر: «لولا الجيش السوري وحزب الله وصمود سوريا لاحتلت أوكرانيا موسكو بأيام»!
لا حاجة للتوقف كثيرا عند دلالات كلام لافروف، والذي يتجاوز تقرير الحقائق الموضوعية من وجهة نظره إلى إرسال رسالة للإيرانيين بأن عليكم أن تعرفوا حجمكم، ومَنْ صنع «الإنجاز»، وتكفوا عن المناكفة معنا، فيما خصّ التسوية المحتملة في سوريا (قادة إيران رفضوا حضور أميركا، فاستخف بهم لافروف ووجّه الدعوة، لكنها اعتذرت وحضرت كمراقب عبر سفيرها في كازاخستان).. لا حاجة للتوقف عن ذلك، فهو تناقض بات مفضوحا، وتوقفنا عنده أكثر من مرة هنا.
ما يعنينا هي تلك الإجابة التي تستدعي استحضار الإجابات الأخرى على السؤال. وهنا تكون البداية من إجابة بشار وشبيحته التقليدية، والتي تقول إنه لولا صمود الشعب السوري (كذا)، والتفافه حول قيادته لما كان بالإمكان الصمود كل هذا الوقت.
أما الإجابة الإيرانية التي تكررت على ألسنة حشد من سياسييها وعسكرييها وأمنييها، فهي أنه لولا التدخل الإيراني لسقطت دمشق منذ سنوات.
لا خلاف على أن التدخل الإيراني قد أسهم في بقاء النظام، ومن بعده التدخل الروسي، وصحيح أيضا أن من أسباب بقاء النظام وجود أقلية طائفية، ومعها فئات من الغالبية ومن الأقليات الأخرى بقيت معه، لكن الحقيقة الكاملة هي غير ذلك كله.
هناك أسباب عديدة لما جرى، لكن أهمها هو الموقف الأميركي والغربي من الثورة، بخاصة الأميركي الذي تحرك على إيقاع الهواجس الإسرائيلية، فقرر إطالة أمد الحرب لاستنزاف الجميع، وقد قلنا منذ البداية إنها معركة طويلة.
حدث ذلك عبر ضغط أميركا على الجميع من أجل حرمان الثوار من السلاح النوعي، بخاصة مضادات الطيران، فيما كان لتشرذم الثوار ودخول تنظيم الدولة على الخط دور مهم أيضا (تاليا النصرة بعد إعلان تبعيتها للقاعدة)، حيث منح النظام وحلفاءه فرصة ترويج الثورة على أنها محض إرهاب.
هناك أيضا تناقضات الداعمين، وعدم اتفاقهم على نهج واحد في إدارة المشهد، وهي بدورها أدت إلى تناقضات في صفوف الثوار، والنتيجة أن هناك أسبابا عديدة لبقاء النظام وفشل الثورة وليس سببا واحدا، إن كان التدخل الإيراني، أم الروسي.
هل هذا حكم نهائي؟ كلا بكل تأكيد، فالمعركة لم تنته فصولا بعد، ومن دون أن تكون هناك تسوية ترضي الشعب السوري، ولو في الحد الأدنى، فإن المعركة ستتواصل بوسائل شتى، حتى لو سيطر النظام على كل التراب السوري، وهو ما لن يحدث إلا في سنوات قد تطول، بفرض إمكانيته، الأمر الذي تسعى روسيا لتجنبه تبعا لثمنه الباهظ، وفي الذاكرة القريبة تجربة أفغانستان السوفيتية، والعراق الأميركية.;

نقلا عن “العرب القطرية”

مقالات ذات صلة