اراء و أفكـار

حرب الإبادة في حلب… إهانة للإنسانية

داود البصري

ما يفعله ويقترفه النظام السوري المجرم مع تحالفه الصفيوني من مجازر متنقلة وبشعة في أرض الشام، وتركيزه الأخير على حلب عبر حملة الإبادة الدولية المشتركة لأهلها، هو أمر لم يكن بحسبان أحد لكونه يتناقض تناقضا فظا وجذريا مع أبسط القيم الأخلاقية للضمير العالمي وللدول التي تسمي نفسها عظمى تقرر مصير العالم بينما تعجز عن لجم طاغية شرقي عن الإيغال في جرائمه البشعة! جرائم الإبادة البشرية الممنهجة في حلب تعبير واضح عن سقوط النظام الدولي المنافق، وعن فشل مايسمى مجلس الأمن، وعن إنهيار واضح للمنظومة الدولية لصالح الفوضى الدولية. فمنذ مأساة مدينة درسدن الألمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية، التي تعرضت لتدمير وقصف جوي شامل ومدمر بالكامل على يد الحلفاء والذي كان كما قالوا في بيان تشف للمنتصرين: رسالة دموية للأجيال الألمانية وعقابا لهم على النازية!، لم تدمر مدينة بشكل همجي سافر ومبرمج ومع سبق الإصرار والترصد وأمام عيون العالم أجمع، كما يحصل اليوم مع مدينة حلب الشهباء أرض الكرامة والبطولة ومصنع الرجال وصاحبة المجد في التاريخ العربي والإسلامي، لقد صب الحقد الفاشي السلطوي للنظام السوري الإرهابي وحلفائه المافيوزيين الروس والإرهابيين الإيرانيين وقطعانهم الطائفية نيران حقدهم الهمجي على تلك المدينة وعلى الآمنين من أهلها وساكنتها بشكل غير مسبوق،ووفق ستراتيجية تدميرية إنتقامية شاملة محورها وهدفها كسر إرادة المقاومة الأسطورية للثوار السوريين الذين دوخوا الدنيا بصمودهم وبطولاتهم الأسطورية وكسرهم لآلة النظام الفاشي العدوانية ومواجهتهم لكل ضباع الأرض، وإنزالهم الخسائر الرهيبة بالمعتدين والمدنسين للتراب السوري من مرتزقة حلفاء النظام من العصابات الإيرانية والروسية التي تمارس اليوم في الأرض السورية عربدة مهولة وتدميرا شاملا يعبر عن أحقاد تاريخية لا تخطئ العين الخبيرة قراءة دلالاتها وأبعادها ومراميها، لقد جرت عمليات إبادة بشرية مهولة، وتم ضرب المراكز الصحية المدعومة من ألأمم المتحدة وإنزال خسائر غير مبررة بالطواقم الطبية والإنسانية وبعضها تابع للأمم المتحدة وبإشراف الدول الكواسر التي تراقب المأساة وتحصي الخسائر مكتفية ببيانات الإدانة التي لا تسمن أو تغني ولا تعيد حقا ولا تلغي باطلا !، ففي تاريخ الثورات والإنتفاضات في التاريخ لم تواجه ثورة بكل هذا الحقد وبكل ذلك التجاهل للمعاناة الإنسانية مثل ما حصل مع الثورة السورية منذ أيامها الأولى قبل خمس ونيف من السنين! لقد وضعت تلك الثورة الضمير العالمي وكل الدعايات حول حماية حقوق الإنسان على المحك، وأثبتت هزالة وسقم مواقف الدول الكواسر من ملفات المعاناة الإنسانية، فنظام شمولي إرهابي ذو تاريخ حافل في ممارسة الجرائم ضد شعبه منذ العام 1963 لم يتوان أبدا عن إظهار مختلف صنوف الفاشية بحق شعبه وقد تم رصد وتسجيل ذلك وثائقيا بالصوت والصورة وعبر ملايين الصور الملتقطة في معامل ومقرات التعذيب والقتل السلطوية السورية، ومع ذلك لم يتم لجم أو منع ذلك النظام من ممارسة جرائمه البشعة التي حولت سورية لأنقاض ودفعت الملايين من السوريين للهروب للمنافي ولمخيمات اللجوء، وهي أكبر حالة معاناة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية! النظام الدولي الجديد والعابر لحريات الحكومات الفاشية في قتل شعوبها، لم نره أو نلمسه متجسدا في التعامل مع الحالة السورية، بل تابعنا ورأينا حرباً كونية مصغرة تديرها دول كواسر ضد شعب أعزل كل ذنبه أنه ثار وتمرد على الفاشية وحاول تصحيح التاريخ، والسير في ركاب الحرية والانعتاق، ثم دفع ثمنا باهظا لحريته المسلوبة. الامم المتحدة لا تملك إلا التعبير عن القلق! وتمتنع عن سحب الشرعية من نظام مجرم قاتل لشعبه يتلذذ بمعاناتهم ويستدعي كل ضباع الأرض لمعاونته في قتلهم، كما أن النظام السياسي العربي يشهد ضعفا وتخاذلا غير مسبوق رغم أن ما يحصل من تدفق للجيوش الدولية وللميليشيات الطائفية يمثل خرقا فظيعا للأمن القومي العربي الذي تلاشت حدوده تماما في الشام بعد أن إتخذت الأركان الروسية والإيرانية والميليشياوية من الأرض السورية ساحة لعملياتها العسكرية العدوانية! ما يحصل في حلب وفي بقية المدن السورية كمضايا والزبداني ودوما وغوطتي دمشق عمليات إبادة شاملة ومباشرة ضد الجنس البشري فشل النظام الدولي في التجاوب مع معاييره التي وضعها وتنكر لمعاناة السوريين بعد أن ترك الحبل على الغارب للنظام الفاشي ليمارس هوايته الدائمة في القتل والتعذيب والإبادة الشاملة. لقد قالها النظام منذ بداية المحرقة السورية: «الأسد أو نحرق البلد»! وقد فعلها فعلا وقولا والعالم يصفق لمشاهد الدمار والأشلاء والجثث المتراكمة التي جعلت الضمير العالمي في إجازة فيما براميل الغدر وطائرات الإرهاب وميليشيات الجريمة النازية تمارس أفعالا يندى لها جبين الإنسانية… فهل من المعقول أن تفشل دول كبرى في إيقاف المجازر البشرية المجانية؟ سؤال واضح تقف خلفه ملفات غدر دولي رهيبة ومؤسفة.

نقلا عن السياسة الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً